التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث: أن رجلًا من أسلم جاء النبي فاعترف بالزنا فأعرض

          6820- قوله: (حَدَّثَنَا(1) مَحْمُودٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه محمود بن غَيلان، و(عَبْدُ الرَّزَّاقِ): هو ابنُ همَّامٍ، المُحدِّثُ الحافظ الكبير المُصنِّف، الصَّنعانيُّ، و(مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ ضبطُه، وأنَّه ابنُ راشدٍ، و(الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و(أَبُو سَلَمَةَ): عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف، و(جَابِر): هو ابنُ عبد الله بن عَمرو بن حَرَام _بالرَّاء_ الأنصاريُّ، وتَقَدَّمَ أنَّ في الصَّحَابة جماعةً، كلٌّ منهم: جابر، وأنَّ فيهم أربعةً، كلٌّ منهم: جابر بن عبد الله، والله أعلم [خ¦3/19-142] [خ¦9/38-957].
          قوله: (أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ): تَقَدَّمَ أنَّه ماعزُ بنُ مالكٍ الأسلميُّ، وأنَّ اسمَه عَرِيب [خ¦5270].
          فائدةٌ: المرأةُ التي زنى بها ماعزٌ هي أَمَةٌ لهزَّال الأسلميِّ، اسمُها فاطمةُ، قال الشيخ محيي الدين بعد أن ذكر هذا القول في «مبهماته» في (حرف الجيم): (وقيل: اسمُها منيرة)، انتهى، وقال ابنُ شيخنا البُلْقينيِّ: (وفي «طبقات ابن سعد»: اسمها مهيرة، والذي صرعه لمَّا هرب هو عبدُ الله بن أُنَيس، وكان أبو بكرٍ مبعوثًا من النَّبيِّ صلعم على رجمه، ذكر ذلك ابنُ سعد في «طبقاته»، وروى الحاكم أيضًا قصَّة عبد الله بن أُنَيس، ثمَّ قال: وروى عبد الوارث عن ابن جُرَيجٍ: أنَّه عمر بن الخَطَّاب)، انتهى، وقد رأيتُ في «تلخيص المستدرك» في (كتاب الحدود) هذا الحديث، ولفظُه: (فخرجَ عبدُ الله بنُ أنيسٍ من باديتِه، فرماهُ بوظيفِ حمارٍ فصرعَه، ورماهُ الناسُ حتَّى قتلوه) انتهى.
          قوله: (فَرُجِمَ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وقد تَقَدَّمَ (أَذْلَقَتْهُ) ضبطه ومعناه [خ¦5272].
          قوله: (فَأُدْرِكَ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا (فَرُجِمَ): مَبْنيٌّ أيضًا.
          قوله: (وَصَلَّى عَلَيْهِ، لَمْ يَقُلْ يُونُسُ وَابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ: فَصَلَّى عَلَيْهِ): وفي بعض النُّسخ بعد هذا: (سُئِلَ أبُو عَبْدِ اللهِ: فَصَلَّى عَلَيْهِ يَصِحُّ؟ قال: رَواهُ مَعْمَرٌ، قِيلَ لَهُ: رَواهُ غيرُ مَعْمَرٍ؟ قال: لَا)، انتهى، اعلم أنَّه اختُلِف على الزُّهْرِيِّ في ذكر الصَّلاة على ماعز؛ فأثبتَها محمودُ بنُ غَيلان عن عبد الرَّزَّاق [عنه]، وخالفه ثمانيةٌ مِن أصحاب عبد الرَّزَّاق، فلم يذكروها؛ وهم: ابنُ راهويه، ومُحَمَّدُ بنُ يحيى الذُّهْليُّ، ونوحُ بن حبيب، والحسنُ بن عليٍّ، ومُحَمَّدُ بن المُتوكِّل، وحُمَيدُ بن زنجويه، وأحمدُ بن منصورٍ الرَّماديُّ، وهؤلاء سبعةٌ، وكأنَّه سقط واحدٌ، فإنَّ ابن قَيِّمِ الجَوزيَّة قال: (ثمانية، قال البيهقيُّ: وقولُ محمودِ بنِ غَيلانَ: «إنَّه صلَّى عليه»؛ خطأٌ؛ لإجماعِ أصحابِ عبدِ الرَّزَّاق على خِلافه، ثمَّ إجماعِ أصحابِ الزُّهْرِيِّ على خِلافه، وقدِ اختُلِف في قصَّة ماعز؛ فقال أبو سعيدٍ الخدريُّ: «ما استغفرَ له ولا سبَّه»، وقال بُريدة بن الحُصَيب: «إنَّه قال: استغفروا لماعز بن مالك، فقالوا(2): غفر الله لماعز بن مالك»، ذكرهما مسلمٌ، وقال جابرٌ _كما هنا_: «فصلَّى عليه» ذكره البُخاريُّ، وهو حديثُ عبد الرَّزَّاق المُعلَّل، وقال أبو بَرْزَةَ الأسلميُّ: لم يصلِّ عليه النَّبيُّ صلعم، ولم يَنْهَ عنِ الصَّلاة عليه، ذكره أبو داود)، انتهى، وقولُ البيهقيِّ: (ثمَّ إجماعِ أصحابِ الزُّهْرِيِّ على خِلافه): تَقَدَّمَ أن مَعْمَرًا روى الصَّلاةَ عليه عن الزُّهْرِيِّ، فلم يُجمِعوا، بل روايةُ مَعْمَر شاذَّةٌ، والشَّاذُّ قال الشَّافِعيُّ: (ليس الشَّاذُّ من الحديث أنْ يرويَ الثِّقةُ ما لا يَروي غيرَه، إنَّما الشَّاذُّ: أنْ يرويَ الثِّقةُ مُخالفًا روايةَ النَّاسِ)، وهذا الحديثُ قد عقَّبَه البُخاريُّ بأنَّه قد خالفَه في الصَّلاة عليه عنِ الزُّهْرِيِّ مَعْمَرٌ وابنُ جُرَيجٍ، وقال ما قال في بعضِ النُّسخ الذي سقتُه، والله أعلم.


[1] كذا في (أ) و(ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مُصحَّحًا عليه: (حدَّثني).
[2] في (أ): (فقال).