التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب رجم المحصن

          (بَابُ رَجْمِ المُحْصَنِ)... إلى (كِتَاب الدِّيَاتِ)
          وفي بعض النُّسخ: (كِتَابُ رَجْمِ المُحْصَنِ)
          قوله: (بَابُ رَجْمِ المُحْصَنِ): اعلم أنَّ (الإحصانَ) أصلُه: المنعُ، والمرأةُ مُحصَنةٌ بالإسلامِ، وبالعفافِ والحرِّيَّةِ، وبالتَّزويجِ، وهو المرادُ هنا، يُقال: أحصنتِ المرأةُ، فهي مُحْصَنة ومُحْصِنة، وكذلك الرَّجل، فـ (المُحْصَن) في كلام البُخاريِّ يُقرَأ بالكسر وبالفتح أيضًا، والله أعلم.
          فائدةٌ: شرطُ المُحصَنِ الَّذي يُرجَم في الزِّنى أن يكون بالغًا عاقلًا حُرًّا، وَطِئ في نكاحٍ صحيحٍ في حالِ تكليفِه وحُرِّيَّتِه، أمَّا إذا وَطِئَ في نكاحِ شبهةٍ أو فاسدٍ، فإنَّه ليس بمُحصَنٍ على القولِ الصحيحِ، والله أعلم.
          قوله: (وَقَالَ الحَسَنُ): هو ابنُ أبي الحسنِ البصريُّ، أحدُ الأعلام المشهورين، وفي نسخة في هامش أصلنا القاهريِّ عِوضُ (الحسن): (منصور)، وفيه نظرٌ، وقد عزا شيخُنا أَثَرَ الحسن إلى «ابن أبي شيبةَ»، ولم يذكر منصورًا بالكليَّة، والله أعلم.
          قوله: (مَنْ زَنَى بِأُخْتِهِ حَدُّهُ حَدُّ الزَّانِي): (أُخْته)؛ بالمُثَنَّاة فوقُ، والحكمُ فيمَن زنى بأحدٍ مِن مَحارِمه كذا حدُّه عند الشَّافِعيِّ، وبه قال مالكٌ، ويعقوبُ، ومُحَمَّدٌ، وأبو ثورٍ، وقالت طائفةٌ: إذا زنى بالمَحْرَم منه قُتِل، رُوِيَ عن جابر بن زيدٍ، وهو قولُ أحمدَ وإسحاقَ، واحتجُّوا بحديثِ البَراء الذي أخرجه البزَّارُ عن البَراء قال: (لقيتُ خالي ومعه الرَّاية، فقلت له[: إلى أين؟]، فقال: بعثني رسول الله صلعم إلى رجلٍ تزوَّجَ امرأةَ أبيه أن أقتلَه أو أضربَ عُنُقَه)، وللدَّارقطنيِّ مِن حديث معاويةَ بنِ قُرَّةَ عن أبيه: (أنَّه ◙ بعث إلى رجل عَرَّسَ بامرأةِ أبيه أن يُضْرَبَ عنقُه)، زاد ابنُ ماجه: (وأُصَفِّيَ مالَه)، وللطَّحاويِّ: (ويُخمِّس مالَهُ(1))، وروى ابنُ أبي شيبةَ عن جابر بن زيدٍ فيمَن أتى ذاتَ مَحْرَمٍ منه قال: ضُرِبَ عُنُقُه، وقال ابنُ عَبَّاس مرفوعًا: «مَن وقع على ذاتِ مَحْرَمٍ؛ فاقتلوه»، قال الطَّحاويُّ في «مشكله»: (هذا الحديثُ يدور على إبراهيمَ بنِ إسماعيلَ، وهو متروكُ الحديث)، وفي الباب غير ذلك، فانظر المُطوَّلات إن أردت الوقوف على ذلك.
          فائدةٌ: في «إكمال ابن ماكولا» في (عُقَيل) ما لفظُه: (وزبَّان بن سيَّار بن عمرو العشراء بن جابر ابن عُقَيل بن هلال بن سُمَيٍّ رئيسٌ شاعرٌ، وابنُه منظور بن زبَّان بن سيَّار، هو منافر عُيَيْنَة بن حصن، وهو الذي تزوَّج امرأة أبيه، فأنفذ إليه النَّبيُّ صلعم خالَ البَراء؛ ليقتلَه)، انتهى، ومنظورُ بنُ زبَّانَ الفزاريُّ المُتزوِّجُ بامرأةِ [أبيه] أنفذَ إليه النَّبيُّ صلعم مَن يقتلُه، ذكره ابن ماكولا، وقال [ابن الأثير]: (لو لم يكن مسلمًا؛ لما أمر رسولُ الله صلعم بقتله؛ لنكاحِ امرأةِ أبيه)، انتهى، وقد رأيتُ الذَّهَبيَّ ذكره في «تجريده»، وحمَّر عليه، فهو عنده تابعيٌّ، وخالُ البَراء: هو أبو بردةَ بنُ نِيَار، والله أعلم.


[1] في (أ): (ما به)، والمُثْبَت من مصدره.