التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب الرجم في البلاط

          قوله: (بَابُ الرَّجْمِ بالبَلَاطِ(1)): الباء: بمعنى (عند)، بدليل الحديث [خ¦6819]، وكذا هي في نسخةٍ في أصلنا، أو بمعنى (في)، وكذا هو في [هامش] أصلنا: (باب الرَّجم في البَلاط)، ذكرَ ابنُ المُنَيِّرِ ما في الباب على عادتِهِ، ثمَّ قال: (استشكلَ ابنُ بَطَّالٍ ترجمتَه هذه، وقال: البَلاطُ وغيرُه سواءٌ؛ أي: فلا فائدةَ للاحتجاجِ على صورةٍ غيرِ مقصودةٍ _قال ابنُ المنيِّر_: ويَحتملُ عندي فائدتينِ تُقصَدان؛ إحداهما: أن نبَّه على أنَّ الرَّجمَ لا يختصُّ بمكانٍ مخصوص؛ لأنَّه مرَّةً رجم بالبَلاط، ومرَّةً بالمصلَّى، وهو الذي ترجم عليه بعدَ(2) هذه التَّرجمة، ويَحتمل على أن نبَّه على أنَّه لا يُحفَر للمرأة؛ لأنَّ البَلاط لا يُحفَر فيه عادةً، كما استدلَّ على عدم الحفر بكون اليهوديِّ أكبَّ عليها يقيها بنفسه، على أنَّ منهم مَن قال: إنَّ البَلاط: هو الأرض الملساء الصُّلْبة، والظَّاهر أنَّ البَلاط مكانٌ معروفٌ عندهم بالمدينة، باقٍ على العرف المعهود في إطلاقه كما قدَّمناه)، انتهى، ولا شكَّ أنَّ (البَلاط) _بفتح المُوَحَّدة_: مكانٌ معروفٌ، وسيأتي قريبًا، قال ابنُ قُرقُولَ: (موضعٌ مُبلَّط بالحجارةِ بين المسجدِ والسُّوق بالمدينة)، انتهى، ويحتمل ما قاله ابن المُنيِّر أنَّ البُخاريَّ قصدَه؛ أعني: عدمَ الحفر، وكأنَّ البُخاريَّ أراد ردَّ روايةَ بشير بن المهاجر التي رواها مسلمٌ عن عبد الله بن بُريدةَ عن أبيه: (أنَّه صلعم حفر لماعز بن مالك حفرةً، ثمَّ أمر به، فَرُجِم)، وهذه الروايةُ قال ابنُ إمامِ الجوزيَّة: (غلطٌ، فالثِّقةُ قد يَغلط، على أنَّ أحمدَ وأبا حاتمٍ الرازيَّ قد تكلَّما فيه، وإنَّما حصل الوهمُ مِن حفره للغامديَّة، فسرى إلى ماعز، والله أعلم) انتهى.


[1] كذا في (أ) و(ق)، وهي روايةُ أبي ذرٍّ عن الكشميهنيِّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مُصحَّحًا عليه: (في البلاط).
[2] في (أ): (قبل)، والمُثْبَت موافق لمصدره.