التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب: لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم

          قوله: (بَابٌ: لَا يَرِثُ المُسْلِمُ الكَافِرَ، وَلَا الكَافِرُ المُسْلِمَ): اعلم أنَّهم أجمعوا على أنَّ الكافرَ لا يرثُ المسلمَ، وأمَّا المسلمُ؛ فلا يرث الكافرَ عند جماهير العلماء من الصَّحَابة والتابعين ومَن بعدهم، وذهبت طائفةٌ إلى توريث المسلمِ من الكافر، وهو مذهب معاذ بن جبل، ومعاوية، وسعيد بن المُسَيَّـِب، ومسروق، وغيرِهم، زاد الحافظ الإمام محبُّ الدين الطَّبَريُّ في «مناسكه»: والحسن البصريِّ وإبراهيم النَّخَعيِّ، ورُوِيَ أيضًا عن أبي الدرداء والشَّعْبيِّ والزُّهْرِيِّ والنَّخَعيِّ نحوَه، على خلافٍ بينهم في ذلك، والصحيحُ عنهم كقول الجمهور.
          وأمَّا المرتدُّ؛ فلا يرث المسلمَ إجماعًا، وأمَّا العكس؛ فكذا عند الشَّافِعيِّ، ومالكٍ، وربيعةَ، وابنِ أبي ليلى، وغيرِهم، بل يكون فَيئًا للمسلمين، وقال أبو حنيفة، والكوفيُّون، والأوزاعيُّ، وإسحاقُ: وَرَثَتُه المسلمون، ورُوِيَ ذلك عن عليٍّ وابنِ مسعود وجماعةٍ من السَّلَف، لكن قال الثَّوريُّ وأبو حنيفة: ما كسبه في رِدَّتِه؛ فهو للمسلمين، وقال آخرون: الجميع لوَرَثَتِه من المسلمين.
          وأمَّا توريث الكفَّار بعضِهم من بعض؛ كاليهوديِّ من النصرانيِّ، وعكسه، والمجوسيِّ منهما، وهما منه؛ فقال به الشَّافِعيُّ وأبو حنيفة وآخرون، ومنعه مالكٌ، لكن قال الشَّافِعيُّ: لا يرث حربيٌّ مِن ذِميٍّ، ولا العكس، قال أصحابه: وكذا لو كانا حربِيَّين في بلدَين متحارِبَين؛ لم يتوارثا، والله أعلم.