التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث أبي سفيان: أنَّ هرقل أرسل إليه في ركب من قريش

          7- قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: عَنْ شُعَيْبٍ): اعلم أنَّ (أبا اليمان) اسمُه الحكمُ بنُ نافعٍ، وكذا جاء في بعض النسخ مُسَمًّى منسوبًا إلى أبيه، وهي في هامش أصلنا مصحَّحٌ عليها، وأنَّه احتجَّ به الشيخانِ عن شعيبٍ؛ وهو ابنُ أبي حَمْزةَ، وقد روى لأبي اليمان الأئمَّةُ السِّتَّةُ، وقد صحَّحَ عليه في «الميزان».
          وقال المفضَّل الغلابيُّ(1) عنِ ابن معين: (سألتُ أبا اليمان عن حديثِ شعيبٍ، فقال: ليس هو مناولةً، المناولةُ لم أُخرِجْها(2) إلى أحدٍ)، وقال [سعيد البرذعيُّ(3): (سمعتُ أبا زُرعة يقول](4): لم يسمعْ من شعيبٍ إلَّا حديثًا واحدًا، والباقي إجازة)، انتهى، وقيل: استحلَّ أن يقول: (حدَّثنا شعيبٌ) فيما هو بالإجازة؛ لكونه نَسَخَ مِن أصل شعيبٍ، وكلامُ النَّاس(5) في ذلك معروفٌ؛ فلا نُطَوِّل به، قال الذَّهبيُّ: (وهو ثبتٌ في شعيبٍ عالمٌ به).
          وقد حُكي عن قومٍ جوازُ إطلاقِ (حدَّثنا) و(أخبرنا) في الرواية بالإجازة مطلقًا، قال القاضي عِياض: (وحُكي ذلك عنِ ابنِ جُريجٍ وجماعةٍ من المتقدِّمين)، وحَكَى الوليدُ بنُ بكرٍ أنَّه مذهب مالك وأهل المدينة، وذهب إلى جوازِه إمامُ الحرمينِ، وخالَفَه غيرُه من أهل الأصولِ، وأمَّا في المناولة؛ فحُكِيَ(6) عن جماعةٍ؛ منهم: ابنُ شهابٍ الزُّهريُّ ومالكُ بنُ أنسٍ جوازُ إطلاق (حدَّثنا) و(أخبرنا) في المناولة، وهذا لائقٌ بمذهب مَن يرى عرض المناولة المقرونة بالإجازة سماعًا، والله أعلم.
          قوله: (عَنِ الزُّهْرِيِّ): هو ابنُ شهابٍ، أبو بكرٍ، العالمُ المشهورُ، تقدَّم.
          قوله: (أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَخْبَرَهُ): هو صخرُ بنُ حَرْبِ بنِ أُميَّةَ بنِ عبدِ شمسٍ، والدُ معاويةَ، صحابيٌّ مشهورُ الترجمة، وسأذكرُه بأطولَ مِن هذا [خ¦1280] وأذكرُ تاريخَ وفاتِه [خ¦1282] في (الجنائز) إن شاء الله تعالى ذلك وقدَّرَه.
          قوله: (أَنَّ هِرَقْلَ): هو بكسر الهاء، وفتح الراء على المشهور، وحَكى غيرُ واحدٍ _منهمُ الجوهريُّ في «صحاحه»_ إسكانَ الراء، وكسر القاف، ولم يذكر بعضُهم غيرَه، ولا ينصرفُ؛ للعُجمة والعلميَّة، ولقبه: قيصر، وكذا كلُّ مَن مَلَك الروم يقال له: قيصر، و(النجاشيُّ): لكلِّ مَن ملَك الحبَشة، ويُسمِّيه المتأخِّرون: الأَمْحريَّ، وكذلك (خاقان) لِمَن ملَك التُّرْك، و(تُبَّع) لِمَن ملَك اليَمَن، فإنْ ترشَّحَ للمُلْك؛ سُمِّي قَيْلًا، و(بَطْلَمْيُوس) لِمَن ملك اليونان، و(الفِطْيَوْن) لمَن ملَك اليهود _هكذا قاله ابنُ خُرْدَاذْبَهْ_ والمعروف مالَخ، ثمَّ رأس جالوت، و(النُّمْرود) _بضمِّ النون، وبالدال المهملة_ لمَن ملَك الصابئة، و(دُهْمَى) و(فَغْفُور) لمَن ملَك الهند، و(غانة) لمَن ملك الزَِّنْج، و(فِرعون) لمَن ملَك مصرَ والشَّام، فإن أُضيف إليهما الإسكندريَّة؛ سُمِّيَ: (العزيز)، ويُقال: (المُقوقِس)، و(كِسرى) لمَن ملَك العجم، و(جالوت) لمَن ملَك البَرْبَر، و(الإخْشِيذ)(7) لمَن ملَك فَرْغانَة، و(النُّعمان) لمَن ملَك العرب مِنْ قِبَلِ العَجَم، و(جرجير) لمَن ملَك إفريقيَّة، و(شَهْرَمان) لمَن ملَك خِلاط، و(فور) لمَن ملَك السِّند، و(الأصفر) لمَن ملَك عَلوى، و(رُتْبِيل) لمَن ملَك الخَزَر، و(كابُل) لمَن ملَك النُّوبة، و(ماجد) لمَن ملَك الصَّقالِبَة، ونقل(8) السُّهيليُّ قولًا: أنَّ (مأرب) اسمٌ لكلِّ مَن ملَك سبأ.
          وأصل قيصر: البَقِيُر(9)، وكان أوَّلَ مَن سُمِّي به بقيرًا(10)، والقافُ غيرُ صافيةٍ(11) على لُغتِهِم، وذلك أنَّ أُمَّه لمَّا أتاها الطَّلْق به؛ ماتت، فبُقِر(12) بطنها، فخرجَ حيًّا.
          فائدة: الكتابةُ إلى هِرقلَ كانت سنةَ خمسٍ، قاله خليفة، وفيه نظرٌ؛ لأنَّ الكتابة كانت في المدَّة التي مادَّ فيها رسولُ الله صلعم أبا سفيان وكفَّارَ قريش(13)، والمدَّةُ كانت في السادسة في الحديبية في ذي القعدة، وقال أبو عمر: (كان بعث الكتابة سنة سِتٍّ)، وقال محمَّد بن عُمر: (لقيه بحمص، فدفع إليه الكتاب في المحرَّم سنةَ سبعٍ مع دَِحْية)، فكتب قيصر يقول: (إنِّي مسلمٌ، ولكنِّي مغلوبٌ على أمري)، فلمَّا قرأ الكتاب؛ قال: «كَذَبَ عدوُّ الله، ليس هو بمسلمٍ، بل هو على نصرانيَّته»، وفي «سيرة ابن سيِّد الناس»: أنَّ الكتابة سنةَ سبعٍ، وفيها اتَّخذ الخاتم لختم الكُتُب، وقال ابن القيِّم: (إنَّه همَّ بالإسلام وكاد ولم يفعلْ، وقيل: بل أسلم، وليس بشيءٍ، وقد روى أبو حاتم بن حِبَّان في «صحيحه»...)، فذكر حديثًا عن أنس وفيه: فأمر قيصر مناديه فنادى: ألا إنَّ قيصر اتَّبع محمَّدًا وترك النصرانيَّة، فأقبل جندُه وقد تسلَّحوا، فقال لرسولِ رسولِ الله صلعم: قد ترى أنِّي خائفٌ على مملكتي، ثمَّ أمر مناديه فنادى: ألا إنَّ قيصر قد رَضِيَ عنكم، وكتب إلى رسول الله صلعم: إنِّي مسلمٌ(14)، وبعث إليه بدنانيرَ، فقال رسولُ الله صلعم: «كَذَبَ عدوُّ الله، ليس هو بمسلمٍ، بل هو على نصرانيَّته».
          والكلامُ عليه كثيرٌ جدًّا، ويكفي هذا، وقد وقع في «الاستيعاب» في ترجمة دَِحْية: (أنَّ هرقل آمنَ)، انتهى، ولم يذكرْه أحدٌ في الصحابة، وكيف وقد قاتل الصحابةَ في مؤتة وواعدَهم أن يأتيَهم في العام المقبل؟! فنزل ╕ لأجله لتبوك(15)، فلم يجئ، ثمَّ أُخذتِ البلادُ منه إلى أنْ هَلَكَ سنةَ عشرين مِنَ الهجرة بالقسطنطينيَّة على نصرانيَّته.
          تنبيه: وذكر السُّهيليُّ في «روضه» في غزوة تبوك: (لم يذكرِ ابنُ إسحاقَ في غزوة تبوك ما كان مِن أمر هرقل، فإنَّه ╕ كتب إليه مِن تبوك مع دَِحْية بن خليفة، ونصُّه مذكورٌ في الصحاح مشهورٌ، فأمر هرقلُ مناديًا يُنادي: ألا إنَّ هرقلَ قد آمن بمحمَّدٍ واتَّبَعَه، فدخلتِ(16) الأجناد في سلاحها وطافت بقصره(17) تريد قتله؛ فأرسل إليهم: أردتُ أن أختبر صلابتَكم في دينكم(18) فقد(19) رضيت، ورضُوا عنه، ثمَّ كتب مع دَِحْية إلى رسول الله صلعم يقول فيه: إنِّي مسلمٌ، لكنِّي مغلوبٌ على أمري، وأرسل إليه بهديَّةٍ، فلمَّا قرأ الكتاب؛ قال: «كَذَبَ عدوُّ الله، ليس هو بمسلمٍ»، وقَبِلَ هديَّتَه وقَسَمَها بين المسلمين) انتهى، وهذا(20) مخالفٌ(21) لما في «الصحيح» مِنْ أنَّ الكتابةَ كانت في الهدنة، فلعلَّ هذه الكتابة كانت مرَّتين، وفيه وقفةٌ، ومِنَ الغريب قبولُ هديَّتِه، وقد أطلتُ فيه الكلامَ في تعليقي على «سيرة ابن سيِّد الناس» في (كتبه ╕ إلى الملوك)؛ فانظرْه إن أردتَه.
          قوله: (فِي رَكْبٍ مِنْ قُرَيْشٍ): قال الإمام العالم جلال الدين ابنُ شيخنا شيخ الإسلام البُلقينيِّ ما لفظُه: (سُمِّيَ مِنَ الرَّكْب: المغيرةُ بن شعبة، وذلك في «مصنَّف ابن أبي شيبة» بإسنادٍ صحيحٍ...) إلى أَن قال: (وفيما علَّقتُه عن والدي: أنَّ هذه الرواية يُعارضُها أنَّ المغيرةَ كان مسلمًا في الحديبية، وأسلم عام الخندق، فيَبْعُدُ أَن يكون حاضرًا وهو مسلمٌ ويسكت؛ لأنَّ الكتاب كان في هُدنة الحديبية)، قال: (وفيما علَّقتُه عنه أنَّه قيل: إنَّ عِدَّتَهم أنَّهم كانوا ثلاثين رجلًا) انتهى، وقال شيخُنا الشَّارح: (وفي بعض طرق هذا الحديث: أنَّهم كانوا ثلاثين رجلًا؛ منهم أبو سفيان) انتهى، وفي رواية ابن السَّكَن: (أنَّهم كانوا نحو عشرين)، قاله بعض حُفَّاظ العصر، وإذا كان كذلك؛ فقوله: (مِنْ قُرَيْشٍ) فيه مجازٌ؛ لأنَّ المغيرةَ مِنْ ثقيفٍ، وقد جزم ابنُ عبد البَرِّ بأنَّ المغيرةَ أسلم عامَ الخندق، وقَدِمَ مُهاجرًا، وقيل: أوَّلُ مَشاهِدِه الحديبية. /
          قوله: (وَكَانُوا تُـِجَّارًا): هو بكسرِ التَّاء وتخفيف الجيم، ويجوزُ ضمُّ التَّاء وتشديدُ الجيم؛ لُغتان، جمع (تاجِر)، ويُقال أيضًا: (تَجْر)؛ كـ(صاحب وصَحْب).
          [قوله: (بِالشَّأْمِ): هو الإقليمُ المعروفُ، وفي حِفظِي: أنَّهم كانوا بغَزَّةَ، ثمَّ رأيتُه منقولًا معزوًّا، و(الشَّأْمُ)؛ بهمزةٍ ساكنةٍ؛ مثلُ: (رَأْس)، ويجوزُ تخفيفُه بحذفها؛ كما في (راس) وشبهه، وفيه لغةٌ أُخرى: (شَآم)؛ بالمدِّ، حكاها جماعةٌ _والشينُ مفتوحةٌ بلا خِلاف_ قال ابنُ قُرقُول: (وأباها أكثرُهم)، وهو مذكَّرٌ، هذا المشهور، وقال الجوهريُّ: (يذكَّر ويؤنَّث) انتهى، ويُنسَب إليه: (شأميٌّ)؛ بالهمز وحذفه مع الياء، و(شآم)؛ بالمدِّ من غير ياء؛ كـ(يمانٍ)، قال سيبويه وغيره: (ويجوز «شآميٌّ»)؛ بالمدِّ مع الياء، ومَنَعَه غيرُه؛ لأنَّ الألفَ عوضٌ من ياء النسب، فلا يُجمَع بينهما، والصحيحُ جوازُه.
          وأمَّا تسميتُه: (شامًا)؛ فهو معروفٌ، وأمَّا حدُّه؛ فالمشهورُ: أنَّه مِنَ العريش إلى الفرات طولًا، وقيل: إلى بالس، وأمَّا العرض؛ فمِن أجأ وسَلْمى إلى بحر الرُّوم وما سامتَ ذلك، قال ابن عساكر في «التاريخ»: (إنَّ الشامَ دخلَه عشرةُ آلافِ عينٍ رأتِ النبيَّ صلعم) انتهى، وقد دخله ◙ مع عمِّه أبي طالبٍ(22)، واجتمع به بَحيرا، ومرَّة ثانيةً: في تِجارة خديجة مع غلامها ميسرة _وميسرةُ لا أعرفُ له إسلامًا، والظاهرُ: أنَّه ماتَ قبلَ النُّبُوَّة_ ودخلَه ليلةَ الإسراء على الصحيح أنَّه يقظة، ومرَّة رابعة: إلى تبوك، والله أعلم]
(23).
          قوله: (فِي الْمُدَّةِ...) إلى آخر الكلام: كان الصلح بينهم على أَنْ يدخُلَ مكَّة في العام المقبل وكذا وكذا، ووضعِ الحرب عشرَ سنين، قال ابنُ إسحاقَ: (صالَحهم عَلى ترْكِ الحربِ عشرَ سنين)، وكذا قال ابن سعدٍ، وقال موسى بن عُقبة: (إنَّ الصلح كان على سنتين)، وكذا عنِ ابن عائذٍ، عن محمَّد بن شعيب، عن عثمان بن عطاء، عن أبيه، عن عكرمة، عنِ ابن عبَّاس: (أنَّ مُدَّةَ الصلح كانت إلى سنتين)، وقد روى أبو داود: (أنَّه ╕ صالَحَهُم على ترك الحربِ عشرَ سنين)، وقد روى الحاكمُ في «المستدرك» في (البيوع) عنِ ابن عمر: (أَنَ الهُدنةَ بينه ╕ وبين أهل مكَّة بالحديبية أربعُ سنين)، قال الحاكم: (صحيح)، قال الذَّهبيُّ في «تلخيصه»: (بل ضعيفٌ؛ فإنَّ عاصمًا ضعَّفوه، وهو أخو عُبيد الله بن عمر) انتهى.
          قوله: (بِإِيلِيَاءَ): (إِيلِياء): هي بيتُ المقدس، وفيها ثلاثُ لغات؛ أشهرُها: كسر الهمزة [واللَّام]، وإسكان الياء بينهما، وبالمدِّ، والثانية: مثلُها إلَّا أنَّه مقصورٌ، والثالثة: بحذف الياء الأولى، وإسكان اللَّام، وبالمدِّ، حكاهُنَّ في «المطالع»، قال: (قيل: معناه: بيت الله) انتهى، ووقع في «مسند أبي يعلى(24)» في مسند ابن عبَّاسٍ: (الإيلِياء)؛ بالألف واللَّام، قاله النوويُّ واستغرَبَهُ.
          قوله: (وَحَوْلَهُ): هو بالنصبِ ظرفُ مكانٍ.
          قوله: (بِتَرْجَـُمَانِهِ): هو بفتح التَّاء أفصحُ مِن ضمِّها، والجيمُ مضمومةٌ ومفتوحة، قال الجوهريُّ: (وقد ترجم كلامَه؛ إذا فسَّرَه بلسانٍ آخرَ، ومنه: التَّرجَمان، والجمع: التراجم(25)، مثل: زَعْفَران وزَعافر، ويقال: تَرجُمان، ولك أن تضمَّ التَّاء؛ لضمَّة الجيم) انتهى، فهذه ثلاثُ لُغات، والتَّاء فيه أصليَّةٌ، وأُنكِر على الجوهريِّ جعلُها زائدةً، وتبعه ابن الأثير في «نهايته»، وقد أخرجه في (التاء)، لكن قال: (والتاء والنون زائدتان)، وهذا الترجمان لا أعرفُ اسمَه.
          قوله: (أَدْنُوهُ): هو بفتح الهمزة؛ لأنَّه رباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ سهلٌ.
          قوله: (عِنْدَ ظَهْرِهِ): معناه: لئلَّا يستحيوا أن يواجِهوه بالتكذيب إن كذب، وجاءتْ هذه العِلَّةُ مِن كلام هرقل في بعض طرق الحديث.
          قوله: (فَإِنْ كَذَبَنِي): هو بتخفيفِ الذال؛ أي: حدَّثني حَديثَ كَذِبٍ.
          قوله: (لَوْلَا(26) الْحَيَاءُ): سيأتي تعريفُ الحياء في (كتاب الإِيمان) إن شاء الله تعالى [خ¦2/16-41].
          قوله: (يَأْثُـِرُوا): بضمِّ الثاء وكسرها؛ أي: يحكوه عنِّي ويتحدَّثوا به، يقال: أثرتُ الحديثَ _مقصور(27)_ آثُـِرُه _بالمدِّ وضمِّ الثاء وكسرها_ أَثْرًا _ساكنة الثاء_: حدَّثْتُ به.
          قوله: (لَكَذَبْتُ عَنْهُ): أي: عليه، وقد جاء ذلك في رواية الأصيليِّ.
          تنبيه: ذَكَرَ أبو الفتح اليَعمُريُّ في «سيرته» قال: (ويُروى في خبر أبي سفيانَ أنَّه قال لقيصر لمَّا سأله عنه ╕: أيُّها الملك؛ أَلَا أُخبرُك عنه خبرًا تعرِفُ به أنَّه(28) قد كَذَب، قال: وما هو؟ قال: إنَّه زعم لنا أنَّه خرج من أرضنا أرضِ الحرم في ليلة، فجاء مسجدَكم هذا مسجد إيلِياء، ورجع في تلك الليلة قبل الصباح، قال: وبطريقُ إيلِياء عند رأس قيصر، فقال: صدقَ [أيُّها الملكُ]، قال: وما علمكَ بهذا؟ قال: إنِّي كنتُ لا أنام ليلةً حتَّى أُغلق أبوابَ المسجد، فلمَّا كانت تلك الليلة؛ أغلقتُ الأبواب كلَّها غيرَ بابٍ واحدٍ غلبني، فاستعنتُ عليه عُمَّالي ومَن يحضُرُني، فلم نستطع أن نحرِّكَه، كأنَّما نزاولُ جبلًا، فدعوتُ النَّجَّارين، فنظروا إليه فقالوا: هذا باب سقط عليه النِّجاف والبنيان، فلا نستطيع أن نحرِّكه حتى نصبح فننظر من أين أُتِي؟ فرجعتُ وتركتُ البابين مفتوحين، فلمَّا أصبحتُ؛ غدوتُ عليهما؛ فإذا الحَجَرُ الذي في زاوية المسجد منقوب، وإذا فيه أثرُ مَرْبط الدابَّة، فقلت لأصحابي: ما حُبس هذا الباب هذه الليلة إلَّا على نبيٍّ، وقد صلَّى الليلةَ في مسجدنا هذا، فقال قيصر: يا معشرَ الروم؛ ألستم تعلمون أنَّ بين عيسى وبين الساعة نبيًّا بشَّرَكم به عيسى ابن مريم ترجون أن يجعلَه اللهُ فيكم؟ قالوا(29): بلى، قال: فإنَّ اللهَ قد جعله في غيركم، في أقلَّ منكم عددًا، وأَضيقَ منكم بلادًا، وهي رحمةٌ يضعُها حيث يشاء) انتهى.
          قوله: (كَانَ أَوَّلَ): هو بنصب اللَّام، ويجوزُ رفعُها.
          قوله: (قَطُّ): هي بفتح القاف، وتشديد الطاء المضمومة؛ ومعناها: الزمان، وبضمِّ القاف والطاء مع التشديد، وبضمِّ الطاء مخفَّفة، ويُضمَّان كذلك: قَطُّ وقُطُّ وقَطُ وقُطُ، فهذه أربع لغات ذكرها الجوهريُّ، أقلُّها الأخيرة؛ وهي ضمُّ القاف والطاء مع التخفيف.
          قوله: (مَـِنْ مَلَـِكٍَ): رُوي على وجهين؛ أحدُهما: بكسر ميم (مِنْ)، وكسر لام (ملِك)، وثانيهما: (مَن)؛ بفتح ميمها، وفتح لام(30) (مَلَكَ) فعل ماضٍ، وكلاهُما صحيحٌ، والأوَّلُ أصحُّ وأشهرُ، وتؤيِّدُه(31) روايةُ مسلم: (هل كان في آبائه ملِكٌ؟)؛ بحذف (مِنْ)، وكذا هو في (التفسير) من هذا «الصحيح» [خ¦4553].
          قوله: (سَخْطَةً): السَّخَط والسُّخْط؛ مثل: السَّقَم والسُّقْم؛ وهي الكراهية للشيء وعدم الرِّضا به، وهو مفعولٌ من أجله.
          قوله: (يَغْدِرُ): هو بكسر الدال، والغدرُ: ترك الوفاء.
          قوله: (كَلِمَةٌ): هي مرفوعةٌ منوَّنةٌ، فاعل.
          قوله: (غَيْرُ هَذِهِ): بالضمِّ على أنَّه صفة لـ(كلمةٌ)، ويجوز فيها النصب على الاستثناء، وبالأوَّل هو مضبوطٌ في أصلنا.
          قوله: (سِجَالٌ): أي: مرَّةً على هؤلاء، ومرَّةً على هؤلاء، من مساجلة المستقين على البئر بالدِّلاء، وهو بكسر السين المهملة.
          قوله: (وَيَأْمُرُنَا بِالصَّلَاةِ وَالصِّدْقِ): وفي نسخة: (بالصدقة)، قال الدِّمياطيُّ: (وفي «مسلمٍ» من حديث مَعْمَرٍ: «يأمرُنا بالصَّلاة، والزَّكاة، والصِّلة، والعفاف») انتهى، وقد راجعتُه فوجدتُه كذلك، إلَّا أنَّ مسلمًا ذكره بطريقين؛ الأُولى: من حديث مَعْمَر عنِ الزُّهريِّ، ثمَّ عقَّبه بسندٍ آخرَ عن صالحٍ عنِ الزُّهريِّ، وفي آخرِه: (وزاد في الحديث...) فذكر(32) الزيادة، فدلَّ كلامُه أنَّ صالحًا وافقَ مَعْمَرًا في هذه ولم يخالفْه، فكان ينبغي له الإطلاقُ واختصارُ قوله من حديث مَعْمَرٍ.
          قوله: (وَالْعَفَافِ): هو بفتح العين؛ وهو ترك المحارم وخوارم(33) المروءة. /
          قوله: (حِينَ تُخَالِطُ(34) بَشَاشَتُهُ الْقُلُوبَ): يعني: أُنْسَه ولطفَهُ، قال ابن قُرقُول: (ورواه المستملي، والحَمُّوي، والعُذريُّ، وابنُ سفيان: «حين يُخالِط(35) بشاشةَ القلوبِ»).
          قوله: (بِمَا يَأْمُرُكُمْ): كذا في أصلِنا بإثبات الألف في الاستفهام، وهو قليلٌ، والجادَّةُ: (بِمَ)؛ بحذف الألف.
          قوله: (لَتَجَشَّمْتُ): أي: تَكَلَّفْتُ مَا فيه من مَشقَّةٍ، قال ابن قُرقُول: (كذا في «البخاريِّ»، وفي «مسلم»: «لَأَحْبَبْتُ»، والأوَّل أوجه؛ لأنَّ الحُبَّ للشيءِ لا يَصُدُّ عنه؛ إذ لا يُطَّلَعُ عليه، وإنَّما يَصُدُّ عنِ العمل الذي يظهَرُ، فلا يُملَكُ في كلِّ حينٍ).
          قوله: (مَعَ دَِحْيَةَ): (دِحْية): بكسر الدال، وعليه اقتصر الجوهريُّ، وبفتحها أيضًا، وهو دَِحية بن خليفة بن فَرْوة بن فَضالة(36)، وباقي نسبه معروفٌ، كان مِن أجملِ الصحابة وَجْهًا، وكان جبريلُ ◙ يأتي النبيَّ صلعم في صورتِه، كما تقدَّم [خ¦2]، وقد ذكر السُّهيليُّ عنِ ابن سلَّام _وهو يحيى بنُ سلَّام_ في «تفسيره» في قوله تعالى: {تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا}[الجمعة:11] قال: (كان اللَّهْوُ نظرَهم إلى وجهِ دَِحية لجمالِه)، أسلمَ قديمًا، ولم يشهد بدرًا وشهد ما بعدَها، وتوفِّي في خلافة معاويةَ، وقيل: شَهِدَ اليرموك، وقد تقدَّم أنَّها سنةَ خمسَ عشرةَ، وسكن المِزَّة بقُرب دمشقَ ☺، و(الدِّحيةُ) بلسانِ أهل اليمن: الرئيسُ، قاله السُّهيليُّ في (بني قُريظَةَ).
          قوله: (عَظِيمِ بُصْرَى): عظيمُها: لا أعلمُ اسمَه، وقال حافظٌ عصريٌّ(37): (قيل: هو الحارثُ ابن أبي شمر، وقيل: ملك غسان) انتهى، وسيأتي الكلام على (ملك غسَّان) قريبًا، وأنَّه الحارث(38) بن أبي شَمِر.
          قوله: (بُصْرَى): بضمِّ الباء، مقصورة؛ بلدٌ بحوران معروفةٌ، وهي أوَّلُ بُلدان الشام فُتُوحًا، فُتِحتْ سنةَ ثلاثَ عشرةَ صُلحًا.
          قوله: (عَظِيمِ الرُّومِ): هو بدلٌ يجوزُ قطعُه وإتْباعُه، ولم يقل: (مَلِك)؛ لِما يقتضيه هذا الاسمُ مِنَ المعاني التي لا يستحقُّها مَن ليس مِن أهل الإسلام، ومع ذلك فلم يُخلِهِ(39) مِن نوع إكرامٍ في المخاطبةِ؛ ليكون آخِذًا بإذن الله في تليين القول لِمَن يبتدِئُه بالدَّعوةِ إلى الحقِّ.
          قوله: (أَمَّا بَعْدُ): هو بضمِّ الدال وفتحها، ورفعِها منوَّنةً، وكذا نصبِها، وفي المبتدِئِ بها خمسةُ أقوالٍ: داودُ ◙ _ [وقيل: هو فصلُ الخِطاب، وقيل: فصل الخطاب: علم القضاء، وقطع الخصام، وقيل: معرفة البيِّنة على المدَّعي، واليمين على مَن أنكر، والله أعلم]_ أو قُسُّ بن ساعدة، أو كعب بن لؤيٍّ، أو يعرُب بن قَحْطان، أو سَحْبان، وأفاد شيخُنا الشَّارح: أنَّ في «غرائب مالك» للدارقطنيِّ بسندٍ ضعيف: (لمَّا جاء مَلَكُ الموت إلى يعقوب ◙؛ قال يعقوب في جملة كلامٍ: أمَّا بعدُ؛ فإنَّا أهلُ بيتٍ موكَّلٌ بنا البلاء) انتهى، ولو(40) ثبت هذا؛ لكان أوَّلَ مَن تكلَّم بها يعقوب.
          قوله: (بِدِعَايَةِ الْإِسْلَامِ): (الدِّعاية): بكسر الدال، مصدرٌ؛ كـ(الشِّكاية)(41)، قال ابن قُرقُول: (والمشهورُ في المصدر: دُعاءً ودَعوًى؛ كما قال: «ليس منَّا مَن دعا بدَعوى الجاهليَّة»، وذكر في «البارع»: «دُعاءَة»، وللأصيليِّ في «الجهاد»: «بدَاعِيَةِ الإسلام» [خ¦2941]؛ أي: بدَعوتِه وبالكلمةِ التي يُدعى بها إلى الإسلام، ويدخل بها فيه مَن دُعي إليه، وهو بمنزلة قوله في الحديث الآخر بعدَها: «وَيَا أَهْلَ الْكِتَابِ») انتهى، كذا قال: (في الحديث الآخر)، وإنَّما هو في نفس الحديث المذكور، وقال النوويُّ: («بِدِعَايَةِ»؛ بكسر الدال؛ أي: بدَعوتِه، وهي كلمةُ التوحيد) انتهى، وهو ملخَّصٌ ممَّا قبلَه.
          قوله: (يُؤْتِكَ اللهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ): لإيمانِك بعيسى، واتِّباعكَ لي، بخلافِ الجاهليَّة أهلِ الأوثان الذين لَمْ يكونوا على شيءٍ مِن دينِ الله ولا كتابٍ.
          قوله: (الْأَرِيسِيِّينَ)(42): اختُلِف في ضبطها على أوجهٍ؛ أحدُها: بِيَاءَيْنِ بَعْد السِّينِ، وثانيها: بياءٍ واحدةٍ، والهمزةُ مفتوحةٌ، والراءُ مكسورةٌ مخفَّفةٌ في كِلا الوجهين، وثالثها: بهمزةٍ مكسورةٍ، وتشديدِ الراء، وياء واحدة بعد السين، وقد وقع في إحدى روايتَي «البخاريِّ» و«مسلم»: (الْيَرِيسِيِّينَ)(43)، وهو ما عزاه النوويُّ وغيرُه إلى «البخاريِّ» هنا، وفي أصلنا: (الأَرِيسِيِّينَ)(44)، وفي الحاشية: (اليَرِيسِيِّينَ)؛ بفتح الياء، وكسر الراء، وبالسين المهملة، ويجوزُ أن تكون بدلًا مِنَ الهمزة؛ كما في: (أَزَنِيٍّ ويَزَنِيٍّ)، وبالهمز(45) أكثرُ استعمالًا(46) عند أهل اللُّغة، وفي روايات الحديث أيضًا، وهذا بسطُ الروايات، وهي أربعٌ يجيء(47) [فيها] ما في أصلنا: (الأَرِيسيِّين، الأَرِيسِين، الإِرِّيسِين، اليَرِيسِيِّين).
          واختُلف في المراد بهم، والصحيحُ المشهور: أنَّهم الأكَّارون؛ أي: الفلَّاحون والزَّرَّاعون؛ أي: عليك إثم رَعاياكَ الذين يتَّبعونَك وينقادونَ لأمركَ، ونبَّه بهؤلاء على جميعِ الرَّعايا؛ لأنَّهمُ الأغلبُ في الرَّعايا، وأسرعُ انقيادًا، وأكثرُ تقليدًا، فإذا أسلمتَ؛ أسلموا، وإذا امتنعتَ؛ امتنَعوا، قال شيخُنا الشَّارح: (وقد جاء ذلك مصرَّحًا به في «دلائل النُّبوَّة» للبيهقيِّ و«الطبريِّ»: «فإنَّ عليك إثمَ الأكَّارين»، ولأبي عُبيدٍ: «وإن لَمْ تدخل في الإسلام؛ فلا تحُلْ(48) بين الفلَّاحين والإسلام»، وللبَرقانيِّ: «يعني: الحرَّاثين»، وللإسماعيليِّ: «فإنَّ عليكَ إثمَ الرَّكوسيِّين»؛ وهم أهلُ دينٍ بين النصارى والصابئين، يقال لهم: الركوسيَّة، ويُقال: إنَّ الأريسيِّين [الذين] كانوا يحرثون أرضَهم كانوا مجوسًا، وكان الرُّومُ أهلَ كِتابٍ؛ فيُريد: إنَّ عليك مثلَ وزرِ المجوس إنْ لم تُؤمن وتُصدِّق، وقال أبو عُبيد(49): «هُمُ الخَدَم والخَوَل»، وقيل: الملوك والرؤساء الذين يقودون الناس إلى المذاهب الفاسدة، وقيل: هُمُ المتبختِرون(50)، فعلى هذا؛ يكون المراد: فإنَّ عليك إثمَ مَن تكبَّر عنِ الحقِّ، وقيل: همُ اليهودُ والنصارى أتباع عبد الله بن أريس، الذي تُنسَب(51) إليه الأروسيَّة من النصارى، رجل كان في الزمن الأوَّل، قَتَلَ هو ومَن معه نبيًّا بعثَه اللهُ إليهم)، وقال(52) أبو الفتح اليَعْمُريُّ: (اليَريسيُّون: دهَاقينُ القُرى، كانوا إذْ ذاك مجوسًا).
          قوله: (وَ {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ}[آل عمران:64]): هذه الواو ثبتت في رواية عُبْدُوس والنسفيِّ والقابِسيِّ، وسقطت في رواية الأصيليِّ وأبي ذرٍّ، كما نبَّه عليه القاضي قال: (وقد اختلف المحدِّثون فيما وقع من الأوهام في بعض التلاوة؛ فمنهم مَن أوجبَ إصلاحَها؛ لأنَّه إنَّما سِيقتْ للدلالة، ولا حجَّةَ / إلَّا في الثابت في المصحف، ومنهم مَن قال: ينقلُها كما وقعتْ، ويُنبِّه عليها؛ لأنَّه يبعُد خفاؤها عنِ المؤلِّفِ والناقل عنه، ثمَّ على جميعِ الرواةِ حتَّى وصلتْ إلينا، فلعلَّها قراءةٌ شاذَّةٌ، ثمَّ ضُعِّفَ بأنَّ الشَّاذَّ مرويٌّ معلومٌ لا يُحتجُّ به في حكمٍ ولا يُقرَأُ به في صلاةٍ) انتهى، ومسألةُ ما (إذا وقع في الأصل لحنٌ أو خطأٌ) معروفةٌ في علوم الحديث، واختار أبو محمَّد بن عبد السلام فيها مذهبًا نقله عنه أبو الفتح ابن دقيق العيد، وهو تركُ الصواب والخطأ، قال في «الاقتراح»: (سمعتُ أبا محمَّد بن عبد السلام _وكان أحدَ سلاطين العلماء، كان يرى في هذه المسألة ما لَمْ أره لأحدٍ_: «أنَّ هذا اللفظَ المختلَّ لا يُروى على الصوابِ ولا على الخطأِ، أمَّا على الصوابِ؛ فإنَّه لَمْ يُسمَع مِنَ الشَّيخ كذلك، وأمَّا على الخطأِ؛ فلأنَّ(53) سيِّدَنا رسولَ الله صلعم لَمْ يَقُلْه كذلك»، هذا معنى ما قاله أو قريبٌ منه).
          سؤال: إن قيل: ما الحكمةُ في إرسال هذه الآية دون غيرِها مِنَ الآيِ؟
          وجوابه: لأنَّ هرقل نصرانيٌّ، والنصارى جمعتِ الأمورَ الثلاثة؛ فعبدوا عيسى ◙، وأشركوا بالله، وقالوا: إنَّ الله ثالثُ ثلاثة، واتَّخذوا الأحبارَ والرُّهبان أربابًا من دون الله.
          فائدةٌ: قال السُّهيليُّ: (رُوِيَ أنَّ هِرقلَ وضع كتاب النبيِّ صلعم الذي كتب إليه في قصبةٍ مِنْ ذهبٍ تعظيمًا له، وأنَّهم لم يزالوا يتوارثونه كابرًا عن كابر في أرفع صوان وأعزِّ مكانٍ، حتى كان عند إذفونش الذي تغلَّب على طُلَيْطِلَة، وما أخذ أخذها من بلاد الأندلس، ثمَّ كان عند ابن بنته المعروف بالسلطين، حدَّثني بعضُ أصحابِنا أنَّه حدَّثه مَن سأله رؤيتَه مِنْ قُوَّاد أجناد المسلمين، وكان يُعرف بعبد الملك(54) بن سعيد، قال: فأخرجه إليَّ، فاستعبرتُ وأردتُ تقبيلَه، فأخذَه مِن يدي، فمنعني مِنْ ذلك صِيانةً له، وضنًّا به عليَّ) انتهى.
          قوله: (الصَّخَبُ): هو اختِلاطُ الأصواتِ(55) وارتفاعُها.
          قوله: (لَقَدْ أَمِرَ): هو بفتحِ الهمزة مقصورة، وكسر الميم، وفتح الراء؛ أي: كثُرَ وارتفعَ شأنُه.
          قوله: (ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ): يعني: النبيَّ صلعم، وأبو كبشةَ: اسمُ رجلٍ تألَّه قديمًا وفارقَ دِينَ الجاهليَّة، وعَبَدَ الشِّعرى، فشُبِّهَ النبيُّ صلعم به(56)، وقيل: بل كانت للنبيِّ صلعم أُختٌ تُسمَّى كبشة وكان أبوها(57) أبا النبيِّ صلعم مِنَ الرضاعة _وهو الحارثُ بنُ عبد العُزَّى بنِ رِفاعة مِن هوازن، ذَكَرَ يونس بن بُكير، عنِ ابن إسحاقَ، عن أبيه، عن رجالٍ مِنْ بني سعدِ بنِ بكرٍ: أنَّه أدرك الإسلام، وأسلم بمكَّة_ يُكنى بها، وقيل: بل كان في أجدادِه لأُمِّه مَن يُكنى بأبي كبشةَ، وقد ذَكَرَ محمَّدُ ابنُ حبيبَ _وحبيبُ لا ينصرفُ؛ لأنَّها أُمُّهُ، قاله النَّوويُّ، وقال السُّهيليُّ: مصروفٌ_ في «مُحَبَّرِهِ» جماعةً مِن جهة أبيه وأمِّه يُكنَون بأبي كبشة، وقيل: بل أبو كبشةَ الخُزاعيُّ الذي فارق دِينَ قومه، هو جدُّ جدِّ(58) أُمِّ النبيِّ صلعم.
          فائدة: اسمُ أبي كبشةَ وَجْز بن غالب؛ بواو مفتوحة، ثمَّ جيم، ثمَّ زاي، ذكره ابن ماكولا، وعُزِيَ للدَّارقطنيِّ أيضًا، قال ابنُ ماكولا: (وَجْز بن غالب بن عامر بن الحارث، وهو غبشان، ووَجْز هو أبو كبشةَ الذي كانت قريشٌ تَنسب النبيَّ صلعم إليه، وكان أبو كبشةَ أوَّلَ مَن عَبَدَ الشِّعرى وخالف دِينَ قومِه...) إلى آخرِه.
          قوله: (إَِنَّهُ يَخَافُهُ): هو(59) بكسر الهمزة على الاستئناف، ويجوزُ على ضعفٍ فتحُها على أنَّه مفعولٌ لأجله، وضُعِّفَ لوجود اللَّام في الخبر، وقال في «المطالع»: (كذا ضبطناه بالفتح؛ أي: مِن أجل ذلك عظُم الأمر على أبي سفيان)، قال: (والكسرُ صحيحٌ على استئنافِ الإخبارِ عمَّا رآه مِن هرقل، ولا سيَّما إذا ثبتت لام التأكيد في الخبر(60)).
          قوله: (بَنِي الْأَصْفَرِ): همُ الرُّوم، وجدُّهُم الأصفرُ بنُ روم بن عيصو بن إسحاق، قاله الحربيُّ، وهو الأشبه، وقال غيرُه: بل لأنَّ جيشًا من الحبش غلب عليهم في الزمان الأوَّل فوطِئَ نساءَهم، فوُلِدَ لهم أولادٌ صفرٌ فنُسبوا إليهم، قاله ابن الأنباريِّ.
          قوله: (وَكَانَ ابْنُ النَّاطُورِ): الظاهرُ أنَّ مِنْ هنا إلى آخرِ الحديثِ مِن قولِ الزُّهريِّ، واللهُ أعلم.
          قوله: (ابْنُ النَّاطُورِ): هو(61) بطاءٍ مهملةٍ، وعند الحَمُّوي بالمعجمة، قاله في «المطالع»، قال أهل اللُّغةِ: هو ناظورةُ القوم وناظورُهم؛ إذا كان المنظورَ إليه منهم، و(الناطور)؛ بالمهملة: حافظُ النَّخْل؛ أعجميَّة تكلَّمتْ بها العرب، قال الأصمعيُّ: (هو بالمعجمة، والنَّبَطُ يجعلونَ الظاءَ طاءً)، وقال غيرُه: (هو بالمهملة حافظُ النَّخْل، وحُكِي إعجامُها)، قاله الجواليقيُّ في «المعرَّب»، ولا أعرف أنا اسمَ ابن الناطور(62)، والله أعلم.
          قوله: (صَاحِبَ إِيلِيَاءَ): منصوبٌ على الاختصاص، لا على الخبر، وخبر (كَانَ): (يُحدِّثُ أَنَّ هِرَقْلَ)، وهو الأوجهُ، وقيل: (سُقُفًّا)، قاله الدِّمياطيُّ، والذي قاله ظاهرٌ، ويَحتمل أن يكون منصوبًا على الحال، ونُقل الإعرابان عنِ القاضي.
          قوله: (وَهِرَقْلَ): قال الدِّمياطيُّ: (بنصب اللَّام معطوفٌ على «إيلِياء»، وموضعُه خفضٌ بالإضافة) انتهى.
          قوله: (سُقُفًّا): هو بضمِّ السين والقاف وتشديد الفاء، ويُروى: (أُسْقُفًا)؛ بضمِّ الهمزة مع تخفيف الفاء وتشديدها، والأشهرُ: ضمُّ الهمزة، وتشديد الفاء، وقال بعضُهم: إنَّ الروايةَ فيه تخفيف الفاء، وجمعُه: أساقِفَة وأساقِف، وفي بعضِ الأصول: (سُقِّفَ)؛ بضمِّ السين، وكسر القاف المشدَّدة؛ أي: جُعل أُسقفًا، والأُسقف للنصارى: رئيسُ دينِهِم وقاضيهم، قيل: سُمِّيَ به؛ لانحنائه وخضوعه؛ لتديُّنه عندهم.
          قوله: (قَدِمَ إِيلِيَاءَ): تقدَّم الكلامُ عليها قريبًا.
          قوله: (بَطَارِقَتِهِ): هو بفتح الموحَّدة: قُوَّاد ملوكِ الروم، وخواصُّ دولتهم، وأهلُ الرأي والشُّورى، وقال الخليل: (البِطريق _يعني: بكسر الباء_: العظيمُ مِنَ الروم)، قال الحربيُّ: (هو العظيمُ المختال المتعاظم المزهُوُّ، ولا يُقال ذلك للنساء)، ولفظ «النهاية»: (البطارقة من الروم: جمع بِطْريق؛ وهو الحاذِقُ بالحرب وأمورِها بلُغةِ الروم، وهو ذو منصبٍ عندهم).
          قوله: (حَزَّاءً): هو بفتح الحاء المهملة، وتشديد الزاي، وبالمدِّ، و(الحازيْ)، معناهما: المتكهِّن، يقال: حَزَى يَحْزِي، ويَحزُو، وتَحَزَّى، وفسَّره في الحديث بأنَّه (يَنْظُرُ فِي النُّجُومِ)، ويمكن أن يريد بيانَ [جهة] حَزْوِه؛ لأنَّ التكهُّنَ بوجوه، وقال في «الصِّحاح»: (والحَازي: الذي ينظر في الأعضاء وفي خِيلان الوجه يتكهَّن).
          قوله: (مَلِكَ الْخِتَانِ): ضُبِط بوجهين؛ أحدُهما: (مَلِك)؛ بفتح الميم، وكسر اللام، وثانيهما: ضمُّ الميم، وإسكان اللَّام، ومعناهما صحيح، ومعناه: رأيتُ المُلْكَ لطائفةٍ تختتِن.
          قوله: (فَلَا يُهِمَّنَّكَ شَأْنُهُمْ): هو رباعيٌّ، و(شأنُهُم): مرفوعٌ فاعلٌ، وبه ضُبِط في أصلنا، ويُقال بفتح الياء على أنَّه ثلاثيٌّ، يقال: (هَمَّني الأمرُ همًّا)؛ أي: أحزنَنِي وأغمَّني، و(أَهمَّنِي)؛ إذا بالغ في ذلك.
          قوله: (إِلَى مَدَائِنِ): هو بالهمز، ويجوز تركُه.
          قوله: (أَرْسَلَ بِهِ مَلِكُ غَسَّانَ): قال شيخُنا الشَّارح: (هو الحارثُ بنُ أبي شَمِر) انتهى، وكذا قال ابن شيخنا البلقينيِّ، قال شيخنا الشَّارح: (أراد حرب النَّبيِّ صلعم، وخرج إليهم في غزاة، ونزل قَبيلٌ من كندة ماءً يقال له: غسَّان بالمُشلَّل، فسمُّوا به) انتهى، والحارث / هذا: الظاهر هلاكه على كفره، ولا أعرفُ له إسلامًا، وقد كتب إليه النبيُّ صلعم مع شُجاع بن وهب كما ذَكَرَ الواقديُّ، وقال النَّبيُّ صلعم بعد أن رجع الرسول من عنده: «بادَ وبادَ مُلكه»، وهذا ممَّا يُقوِّي أنَّه هَلَكَ على كفره، قال ابن قيِّم الجوزيَّة في (غزوة تبوك): (إنَّه مات عام الفتح).
          قوله: (هَذَا يَمْلِكُ هَذِهِ الْأُمَّةَ): قال ابن قُرقُول: («هذا مُلْكُ هذه الأُمَّةِ» _يعني: بضمِّ الميم، وسكون اللام_ هكذا لعامَّتِهِم، وعند القابِسيِّ عنِ المروزيِّ: «مَلِكُ» _يعني: بفتح الميم، وكسر اللَّام_ وعند أبي ذرٍّ: «يَمْلِكُ هذه الأُمَّةَ»، وأُراها ضمَّةَ الميم اتَّصلتْ بها فتصحَّفت) انتهى، وعن السُّهيليِّ أنَّه وجَّهها في «أماليه»: («هَذَا يَمْلِكُ»: مبتدأٌ وخبرٌ؛ أي: هذا المذكورُ يملِكُ هذه الأُمَّة، وقوله: «قَدْ ظَهَرَ»: جملة مستأنَفة، لا في موضع الصفة ولا الخبر، ويجوز أن يكون «يملك» نعتًا؛ أي: هذا رجلٌ يملك هذه الأُمَّة، وقد جاء النعت بعد النعت، ثمَّ حُذِف المنعوت، وهذا إنَّما هو في الفعل المضارع، لا في الماضي، قاله ابن السَّراج، وحكاه عنِ الأخفش)، وعن النوويِّ أنَّه قال: (كذا(63) ضبطناه عن أهل التحقيق، وكذا هو في أكثر أصول بلادنا)، قال: (وهي صحيحة؛ ومعناها: هذا المذكورُ يملك هذه الأمَّة، وقد ظَهَر).
          قوله: (إِلَى صَاحِبٍ لَهُ): صاحبه لا أعلم اسمَه، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ ما لفظه: (يقال: هو ضغاطِر؛ الأُسقف الروميُّ، وقيل في اسمه: بقاطر، وذكر ابن الأثير في «أسد الغابة» شيئًا(64) يدلُّ على ذلك) انتهى(65)، وكذا قال حافظ مصريٌّ: (إنَّه(66) ضغاطر)، انتهى، قال الذَّهبيُّ: (ضغاطر: الأُسقف الروميُّ، أسلم على يد دحية الكلبيِّ وقت الرسليَّة، فقتلوه) انتهى، فانظر ما(67) بين هذين الكلامين.
          قوله: (بِرُومِيَةَ): قال في «المطالع»: (مخفَّفُ الياء _يعني: مع ضمِّ الراء_ مدينةُ رِئاسة الروم وعلمِهم، كذا قيَّدناه عن جميع شيوخنا، قال الأصمعيُّ: ومثلُه «أنطاكيَة» مخفَّفٌ أيضًا)، انتهى، يقال: إنَّ رُوماس بناها.
          قوله: (فَلَمْ يَرِمْ حِمْصَ): هو بفتح المثنَّاة تحت، وكسر الراء؛ أي: لَمْ يبرَح، ولا فارق، يقال: (رامَ يَرِيمُ رَيْمًا)، وأمَّا مَن طلب شيئًا؛ فيُقال: (رام الأمرَ يَرومُ)، وغلط الداوديُّ في (فَلَمْ يَرِمْ)؛ فقال: (معناه: لَمْ يَصِلْ حمصَ)، وهو عكسُ ما قال.
          قوله: (حِمْصَ): مدينةٌ معروفةٌ، لا تنصرفُ؛ للعُجمة والعلميَّة والتأنيث، وهي مِنَ المُدُن الفاضلة، جاء في حديثٍ ضعيفٍ: (أنَّها مِنْ مُدُن الجنَّة)، ويُروَى في حديثٍ وفي سنده حُمْرةُ _بالحاء المهملة وبالراء_ ابنُ عبدِ كُلال _وسيأتي بما فيه_ قال: سار عمر إلى الشام...؛ فذكر حديثًا عنه، وفي آخره: ثمَّ أَدخُلَ حمصَ، فإنِّي سمعتُ رسولَ الله صلعم يقول: «ليَبعثَنَّ منها يومَ القيامةِ سبعينَ ألفًا لا حسابَ عليهم ولا عذاب، يبعثهم فيما بين الزيتون وحائطها في البَرْث الأحمر» انتهى، و(البَرْث)؛ بفتح الموحَّدة، ثمَّ راء ساكنة، ثمَّ ثاء مثلَّثة: وهو الأرض اللَّيِّنة، وجمعُها: بِرَاثٌ؛ وهي أرضٌ قريبةٌ مِن حمص، قُتل بها جماعةٌ من الشهداء، وهذا الحديث ذكره أحمد في «مسنده»، وحُمْرَة _كما تقدَّم ضَبْطُه_ ذكره الذهبيُّ في الحاء المهملة في «الميزان»، فقال فيه(68): (الرُّعينيُّ، حدَّث عنه رِشدين بن سعد المصريُّ، ليس بعُمدةٍ، ويُجهل)، انتهى، وذكره في ترجمة أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم، ثمَّ قال فيه بعد ذكره هذا الحديث من عند أحمد بإسناد أحمد: (حمرةُ في «كتاب ابن أبي حاتم» بالراء كما هنا، وهو كذلك في «ثقات ابن حبَّان»، لكنَّه ذكره في أثناء مَنْ(69) اسمُه(70) حمزةُ؛ بالزاي، وهو غيرُ معروفٍ، قال أبو داود: «سُرِق لابن أبي مريم [حليٌّ] فأُنْكِرَ(71) عقلُه»، وسمعتُ أحمدَ يقول: «ليس بشيءٍ»)، انتهى.
          وكانت حمصُ في أوَّل الأمر أشهر بالفضل من دمشق، وقد ذَكَرَ الثعلبيُّ في «العرائس» في فضل الشام: (أنَّه نزلَ حمصَ تسعُ مئةِ رجلٍ مِنَ الصحابة).
          قوله: (في دَسْكَرَةٍ): هي بفتح الدال، وإسكان السين المهملتين، والراءُ والكافُ مفتوحتان(72)، وهي بناءٌ كالقصر، حولَه بيوتٌ، وجمعُه: (دساكِر)، وفي «النهاية»: (الدَّسْكرةُ: بناءٌ على هيئةِ القصر، فيه منازلُ وبيوتٌ للخَدَمِ والحَشَم، وليست بعربيَّة محضة) انتهى، وقال شيخنا الشَّارح: (قال التِّبريزيُّ: الدَّسْكرةُ: البساتين والرياض)، قال: (وفي «جامع القزَّاز»: الدَّسْكرةُ: الأرضُ المستوية).
          قوله: (يَا مَعْشَرَ الرُّومِ): همُ الجيل المعروف، وهم بنو الأصفر، وهم الإفرنج، قال الجوهريُّ: (هُم مِن ولد الروم بن عيصو، واحدهم: رُوميٌّ؛ كزنجيٍّ وزنج، فليس بين الواحد والجمع إلَّا الياء المشدَّدة).
          قوله: (هَلْ لَكُمْ فِي الْفَلَاحِ؟): هو الفوزُ، والبقاءُ، والنجاة.
          قوله: (وَالرَُّشْـَـدِ): هو بضمِّ الراء وإسكان الشِّين، وبفتحهما؛ لُغتان، وهو خِلاف الغيِّ.
          قوله: (فَتُتَابِعُوا): هو بتاءين مثنَّاتين فوق، من المتابعة؛ وهي الاقتداء، وفي أصلنا: (فَتُبَايِعُوا)؛ بموحَّدة بعد التاء.
          قوله: (فَحَاصُوا): أي: نفروا وكرُّوا راجعين، وقيل: جالوا، والمعنى قريب.
          قوله: (آنِفًا): هو بالمدِّ والقصر، وهما لغتان قُرِئ بهما في السبع؛ أي: قريبًا، أو الساعة، وقيل: أوَّلَ وقتٍ كنَّا فيه، وكلُّه من الاستئناف والقُرب.
          قوله: (رَوَاهُ صَالِحٌ): هو صالح بن كيسان، وروايته عنِ الزُّهريِّ أخرجها البخاريُّ في (الجهاد) [خ¦2940].
          قوله: (وَيُونُسُ): هو يونس بن يزيد الأيليُّ، وروايته أخرجها البخاريُّ في (الاستئذان) عن محمَّد بن مقاتل، عنِ ابن المبارك، عن يونس، عنِ الزُّهريِّ به(73) مختصرًا [خ¦6260]، وفي (الجزية) مختصرًا أيضًا [خ¦3174].
          قوله: (ومَعْمَرٌ): تقدَّم أنَّه بإسكان العين، وهو ابنُ راشدٍ(74)، ورواية مَعْمَرٍ عنِ الزُّهريِّ أخرجها البخاريُّ في (التفسير) عن إبراهيم بن موسى عن هشام بن يوسف، وعن(75) عبد الله بن(76) محمَّد عن(77) عبد الرَّزَّاق؛ كلاهما عن مَعْمَر، عنِ الزُّهريِّ به [خ¦4553].
          قوله: (عَنِ الزُّهْرِيِّ): تقدَّم أنَّه العَلَمُ أبو بكرٍ محمَّدُ بنُ مسلمِ بن عبيد الله بن عبد الله بن شهابٍ(78).


[1] في (ب): (العلائي)، ولا يصح.
[2] في (ب): (أخرجه).
[3] في (ج): (البردعي).
[4] ما بين معقوفين سقط من (ب).
[5] في (ب): (أناس).
[6] في (ب): (وحكي)، وفي (ج): (فجاء).
[7] في (ب): (والإخشيد).
[8] في (ب): (وكان).
[9] في (ب): (النقير).
[10] في (ب): (نقيرًا).
[11] في (ج): (والقاف عرضًا فيه).
[12] في (ب): (فنقر).
[13] (وكفار قريش): ليست في (ب).
[14] (إني مسلم): ليست في (ج).
[15] في (ب): (بتبوك).
[16] في (ب): (فدخل).
[17] في (ب): (بقيصر).
[18] (في دينكم): ليست في (ب).
[19] في (ب): (وقد).
[20] في (ب): (هذا)، وفي (ج): (فهذا).
[21] في (ب): (مخالفة).
[22] في هامش (أ): (انظر: دخل النبيُّ صلعم الشام أربع مرَّات).
[23] ما بين معقوفين سقط من (ب)، وزيد في هامش (ج) بخطِّ المؤلِّف: (بلغ الشيخ شمس الدين السلَّامي سماعًا بقراءة ابن أبي رحمة الجعبري، ومعه الجماعة المذكورون في المجلس الأول سوى ابن أبي جرادة؛ فإنَّه فاته من أوَّله إلى قوله: «بالعبرانية»، وسمع هذا المجلس كاملًا الشيخ شمس الدين محمد ابن المغيزل الحموي، وأجزت لهم، كتبه إبراهيم مؤلِّفه، ولله الحمد والمنَّة).
[24] (أبي يعلى): ليست في (ب).
[25] في (ج): (الراجم).
[26] في (ب): (أولًا).
[27] في (ب) و(ج): (مقصورًا).
[28] في (ب): (تعرف بأنه).
[29] في (ب): (فقالوا).
[30] في (أ) و(ج): (اللام).
[31] في (ب): (ويؤيده).
[32] في (ب): (وذكر).
[33] في (ب): (وجوازم)، وهو تصحيف.
[34] في (ب): (يخالط).
[35] في (ج): (تخالط).
[36] زيد في (ب): (بن).
[37] في (ب): (عصرنا).
[38] في (ب): (الحرب).
[39] في (ب): (نحله).
[40] في (ب): (فلو).
[41] في (ب): (كالسقاية والشكاية).
[42] في (ب) و(ج): (الأريسين).
[43] في (ب) و(ج): (اليريسين)، وقد نصَّ النوويُّ على أنَّها بياءين بعد السين، وهي رواية أبي الوقت، والأصيليِّ، وابن عساكر، وأبي ذرٍّ عن الحمُّوي.
[44] في (ب): (الأريسين).
[45] في (ب): (وبالهمزة).
[46] (أكثر استعمالًا): ليست في (أ) و(ج).
[47] في (ب) و(ج): (غير)، وهي محتملة في (أ).
[48] في (ب): (يخل).
[49] في (ب) و(ج): (أبو عبيدة)، وليس بصحيح.
[50] في (ج): (المتجبرون).
[51] في (ب): (ينسب).
[52] في (ب): (قال).
[53] في (ج): (فإنَّ).
[54] في (ب): (بعبد الله).
[55] (الأصوات): ليست في (ب).
[56] في (ب): (فشبه به النبي...).
[57] في (ب): (أبوه).
[58] (جد): ليس في (ب)، وعليها في (أ) علامة تصحيح.
[59] (هو): ليست في (ب).
[60] في (ج): (الجر)، وهو تحريف.
[61] (هو): مثبتٌ من (ج).
[62] في (ب): (الناظور).
[63] (كذا): ليست في (ب).
[64] في (ب): (ما)، وكذا في نسخة من «الإفهام».
[65] (انتهى): ليس في (ب).
[66] (إنه): ليست في (ج).
[67] (ما): ليست في (ب).
[68] (فيه): ليست في (ب).
[69] في (ب): (في).
[70] في (ب): (أنه).
[71] في (ب): (فأنكرنا).
[72] في (ج): (مفتوحان).
[73] في (ب): (أنه).
[74] في (ب): (رشد).
[75] في (ب): (عن).
[76] في (ج): (عن).
[77] في (ج): (بن).
[78] زيد في هامش (ج) بخطِّ المؤلِّف: (بلغ الشيخ شمس الدين السلَّامي كاتب هذه النسخة سماعًا عليَّ، وأجزت له، كتبه إبراهيم مؤلِّفه).