التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب نفقة المرأة إذا غاب عنها زوجها ونفقة الولد

          قوله: (بَابُ نَفَقَةِ الْمَرْأَةِ إِذَا غَابَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَنَفَقَةِ الْوَلَدِ): أخرج في هذا الباب حديث هند زوجِ أبي سفيان، وقد سبق أنَّه لم يكن غائبًا، بل كان حاضرًا وقت السُّؤال والجواب [خ¦2211]، وها أنا أذكر ذلك لك، قال السُّهيليُّ في «روضه» في (غزوة الفتح): (إنَّ هندًا بنت عتبة امرأة أبي سفيان بايعت رسول الله صلعم على الصَّفا يوم الفتح...) إلى قوله: (لكن يا رسول الله؛ أبو سفيان رجل مِسِّيكٌ، ربَّما أخذت مِن ماله بغير علمه ما يصلح ولده، فقال رسول الله صلعم: «خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف»، ثُمَّ قال: «أئنَّك لأنت هند؟» قالت: نعم؛ يا رسول الله؛ اعف عني، عفا الله عنك، وكان أبو سفيان حاضرًا، فقال: أنت في حلٍّ ممَّا أخذت، فلمَّا قال: «{وَلَا يَزْنِينَ}[الممتحنة:12]»، قالت: وهل تزني الحُرَّة يا رسول الله؟! فلمَّا قال: «{وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ}[الممتحنة:12]»؛ قالت: بأبي وأمِّي ما أكرمَك وأحسنَ ما دعوتَ إليه! فلمَّا سمعت: «{وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ}[الممتحنة:12]»؛ قالت: قد والله ربَّيناهم صغارًا حتَّى قتلتَهم كبارًا أنت وأصحابُك ببدر، قال: فضحك عمر مِن قولها حتَّى مال) انتهى، فلا يصحُّ استدلالُ مَن استدلَّ به على القضاء على الغائب، وهذا مكانٌ حسنٌ جدًّا، ولم أرَ أحدًا تَقَدَّمَ السُّهيليَّ في ذلك، ومرَّ عليه حفَّاظ كثيرون ولم ينتبهوا له، وكأنَّ مدركَ البُخاريِّ ☼ إن كان وقف على الرواية التي ذكرها السُّهيليُّ: أنَّها إذا جاز لها أن تأخذ وهو حاضر ولولدها؛ فلَأَنْ يجوز وهو غائب بطريقٍ أَولى، وهذا مِن باب مفهوم الموافقة، والله أعلم، وقال شيخنا في هذا الباب: (ذكر فيه حديثَ هند السَّالف، وليس مطابقًا لما ترجم له إلَّا في نفقة الولد فقط؛ لأنَّه كان حاضرًا في المدينة، فلا ينبغي أن يُستَدلَّ به على القضاء على الغائب وإن استدلَّ به ابن بَطَّال وغيره)، انتهى، ومراده بالمدينة: مكَّة، والله أعلم.