التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث: يا أبا ذر أعيرته بأمه؟إنك امرؤ فيك جاهلية

          30- قوله: (عَنِ المَعْرُورِ): هو بالعين المهملة، ثُمَّ راءَين مهملتين، بينهما واو، وهو المعرورُ بنُ سُويدٍ، أسَديٌّ، قيل: عاش مئة وعشرين سنة، روى له الجماعة، وثَّقه ابنُ معينٍ وأبو حاتم، ومعنى (معرور): مقصود.
          قوله: (أَبَا ذَرٍّ): هو جُندَُبُ بنُ جُنادة، وجُندَُب؛ بضمِّ الدَّال وفتحها، وقيل: اسمُه بُرَيْر؛ بموحَّدة مضمومة، وراء مكرَّرة، وقيل: اسمُه جُندب بن عبد الله، وقيل: ابن السكن، والمشهورُ الأوَّلُ، نسبه معروفٌ، يُنسب إلى ضمرة بن كِنانة بن خُزيمة بن مُدْرِكة بن إلياس بن مُضر، وأُمُّه رَمْلةُ بنت الوقيعة، أسلمتْ وهي صحابيَّةٌ، وكذا أخوه أنيس.
          وهو صحابيٌّ جليلٌ زاهدٌ، تُوُفِّيَ بالرَّبَذة سنة ░32هـ▒، وصلَّى عليه ابنُ مسعودٍ، ثُمَّ قَدِمَ ابنُ مسعودٍ المدينةَ، فأقام عشَرةَ أيَّامٍ بها(1)، ثُمَّ تُوفِّي، وكان أبو ذَرٍّ طويلًا عظيمًا زاهدًا متقالًّا(2) من الدُّنيا، وكان مذهبُه أنَّه يُحرِّمُ على الإنسان ادِّخار ما زاد على حاجته، وكان قوَّالًا بالحقِّ، قال ابنُ عبد البَرِّ: (أسلمَ بعد أربعةٍ، فكان خامسًا)، وقال غيرُه: رابع أربعة، وقال في اسمه: (أسلم بعد ثلاثة، ويقال: بعد أربعة) انتهى، وفي «المستدرك»في ترجمته: (لقد رأيتُني لَمْ يُسلم قبلي إلَّا أبو بكرٍ وبلالٌ)، صحيح، ثُمَّ ساقَ سندًا آخرَ: (أسلم قبلي ثلاثة)، قَدِمَ المدينة بعد الخَنْدَق، فلم يشهد بدرًا ولا أُحدًا، قاله الواقديُّ، وفي «صحيح مسلم»: (ولقد(3) صلَّيتُ يا ابن أخي _يقوله لعبد الله ابن الصامت_ قبل أن ألقى النبيَّ صلعم بثلاث سنين، قلتُ: لمَن؟ قال: لله، قلتُ: فأين تَوجَّه؟ قال: أتوجَّهُ حيث وجَّهني ربِّي)، وفي روايةٍ لمسلم أيضًا: (قال: يا ابن أخي _يقوله لعبد الله بن الصامت_ صلَّيتُ يا ابن أخي سنتين قبل مبعث النبيِّ صلعم).
          قوله: (بِالرَّبَذَةِ): هي بفتح الرَّاء، والموحَّدة، والذَّال المعجمة، على ثلاث مراحلَ مِنَ المدينة، قريب من ذات عِرق.
          قوله: (حُلَّةٌ): هي ثوبان، لا تكونُ ثوبًا واحدًا، ويكونانِ غيرَ لَفيقَينِ، رداءً وإزارًا(4)، سُمِّيا بذلك؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهما يحلُّ على الآخر، قال أبو عبيد: / (الحُلَل: بُرودُ اليمن)، وقال بعضُهم: (لا يُقال لها: حُلَّة؛ حتَّى تكون جديدةً، بحلِّها(5) عن طيِّها).
          قوله: (وَعَلَى غُلَامِهِ): غلامُ أبي ذرٍّ لا أعرف اسمَه.
          قوله: (سَابَبْتُ(6) رَجُلًا): هذا الرجلُ هو بلالٌ ☺، قاله ابنُ بشكوال، وهو الحديث الخامس بعد الثلاث مئة، ولم يَذكُر عليه شاهدًا.
          قوله: (فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ): رُوِيَ عنِ الوليد بن مسلمٍ قال: (كان بين بلالٍ وبين أبي ذرٍّ محاورةٌ، فعيَّره بسوادِ أُمِّه)، انتهى، أُمُّه هي(7) حمامة، ذكرها ابنُ عبد البَرِّ فيمَن(8) كان يُعَذَّبُ في الله، فاشتراها الصِّدِّيقُ فأعتقَها، وذكرها الذهبيُّ في «تجريده» في الصحابة.
          تنبيه: فيه ردٌّ على الجوهريِّ وابنِ قُتيبةَ؛ حيث قالا: (لا يجوزُ «عَيَّرَه بكذا»)، قال الجوهريُّ: (وعيَّرَه كذا، من التعيير، والعامَّةُ تقول: عيَّره بكذا) انتهى، والصحيحُ: أنَّهُما لُغتان، وإسقاطُها أفصحُ، والله أعلم.
          قوله: (جَاهِلِيَّةٌ): تقدَّم الكلامُ عليها [خ¦3]؛ يعني: مِن فخرِهِم بالأنساب.
          قوله: (إِخْوَانَـُكُمْ): بالنَّصب؛ أي: احفظوا، ويجوزُ الرفعُ على معنى: هم إخوانُكم، وبه ضُبِط في أصلنا، وعن أبي البقاء: (النَّصبُ أجودُ)، لكنَّ البخاريَّ رواه في (الأدب): «هم إخوانُكم» [خ¦6050]، وهو يرجِّحُ الرفع، والله أعلم.
          قوله: (خَوَلُكُم): هو بفتح الخاء المعجمة والواو وباللَّام؛ الخدَم، سُمُّوا بذلك؛ لأنَّهم يتخوَّلون الأمور؛ أي: يُصلِحونَها، وتخوَّلتُه: سخَّرتُه.


[1] في (ج): (فأقام بها عشرة أيام).
[2] في (ج): (متقللًا).
[3] في (ج): (لقد).
[4] في (ج): (وإزار).
[5] في (ج): (لحلِّها).
[6] في (ب): (سابيت).
[7] (هي): ليست في (ب).
[8] في (ج): (ممن).