التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب ما ينهى عنه من الكلام في الصلاة

          قوله: (بَابُ مَا يُنْهَى عَنْهُ(1) مِنَ الْكَلَامِ فِي الصَّلِاةِ): اعلم أنَّ الكلامَ في الصَّلاة سواءٌ كان بحاجة أو غيرها، وسواءٌ كان لمصلحة الصَّلاة أو غيرها؛ حرامٌ، فإن احتاج إلى تنبيهٍ أو إذنٍ لداخل ونحوه؛ سبَّح إن كان رجلًا، وصفَّقتِ المرأة، هذا مذهب الشَّافعيِّ، ومالكٍ، وأبي حنيفة، وأحمد، والجمهور، وقالت طائفةٌ _منهم الأوزاعيُّ_: يجوز الكلام لمصلحة الصَّلاة؛ لحديث ذي اليدين، وهذا في كلام العامد العالم، أما النَّاسي؛ فلا تبطل صلاته بالكلام القليل عند الشافعيَّة، وبه قال مالكٌ، وأحمد(2)، والجمهور، وقال أبو حنيفة والكوفيُّون: تبطل، فإن كثر كلام النَّاسي؛ ففيه وجهان للشَّافعيَّة؛ أصحُّهما: تبطل صلاته؛ لأنَّه نادر، وأمَّا كلام الجاهل إذا كان قريب العهد بالإسلام، فلا تبطل بقليله؛ لحديث(3) معاوية بن الحكم؛ لأنَّه ╕ لم يأمره بالإعادة.
          وقال جماعة: يُرَدُّ السَّلام نطقًا في الصَّلاة؛ منهم: أبو هريرة، وجابر، والحسن، وابن المسيِّـَب، وقتادة، وإسحاق.
          وأجمع العلماء على أنَّ الكلام فيها عامدًا عالمًا بتحريمه لغير مصلحتها ولغير إنقاذ هالكٍ وشبهه، مبطلٌ، فحصل في الكلام في الصَّلاة مذاهبُ، والله أعلم.
          فرعٌ: التلفُّظ بالنذر عامدًا لا يبطل الصَّلاة على الأصحِّ في «شرح المهذَّب»، والصدقة، والعتق، وسائر القرب مثله قياسًا إذا لم يكن فيه خطاب.
          فرعٌ: لو دعا النَّبيُّ صلعم مصلِّيًا فأجابه؛ لم تبطل على الصحيح، والذي يظهر أنَّ إجابته بالفعل الكثير كالقول.
          فرعٌ: دعاء أحد الوالدين سيأتي بمقلوبها(4) [خ¦21/7-1903].
          فرعٌ: إنذار المشرف على الهلاك ليس بمبطل على الأصحِّ عند القاضي أبي الطَّيب طاهر بن عبد الله الطبريِّ وغيرِه، والشيخ محيي الدين النَّوويِّ في «التحقيق»، وأمَّا الرافعيُّ؛ فصحَّح البطلان، وتابعه النَّوويُّ في «الروضة»؛ لأنَّه قد لا يقع فيما يخاف منه، والله أعلم.


[1] (عنه): ليس في رواية «اليونينيَّة» و(ق)، وهو في هامشهما من رواية الأصيليِّ وأبي ذرٍّ عن الكشميهنيِّ، وعليه في (أ) و(ج) علامة نسخة.
[2] (وأحمد): سقط من (ب).
[3] في (ج): (بحديث).
[4] (بمقلوبها): سقط من (ب).