التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب التطوع في البيت

          قوله: (بَابُ التَّطَوُّعِ فِي الْبَيْتِ): في هذا التَّبويب استحبابُ جعل النَّوافل في البيت سواء الرَّاتبة وغيرها، ولا خلاف في هذا عند الشَّافعيَّة / فيما أعلمه [إلَّا ما ذكروه في التَّراويح على الصَّحيح](1)، وبه قال الجمهور، وسواءٌ عندَهم راتبةُ فرائض النَّهار واللَّيل، وقال جماعة من السَّلف: الاختيار فعلها في المسجد كلُّها، وقال مالك والثَّوريُّ: الأفضل فعل نوافل النَّهار الرَّاتبة في المسجد، وراتبة اللَّيل في البيت، ودليلُ الجمهور: الأحاديثُ الصَّحيحة التي فيها التَّصريحُ بأنَّه صلعم صلَّى سنَّة الصُّبح والجمعة في بيته، وهما صلاتا نهار، مع قوله صلعم: «أفضل الصَّلاة صلاة المرء في بيته إلَّا المكتوبة»، وهذا عامٌّ صريحٌ لا معارضَ له، فليس لأحدٍ العدولُ عنه؛ ففي تبويب البخاريِّ الردُّ عَلى مَنْ قالَ مِنَ السَّلف: أنَّ فعل النَّوافل كلِّها في المسجد أفضلُ، وعلى مَن فصَّل.
          [فرعٌ غريبٌ: لو صلَّى سنَّة المغرب في المسجد، فهل تجزئ عنه وتقع موقعها، اختَلَف قولُ الإمام أحمد؛ فروى عنه ابنُه عبد الله أنَّه قال: (بلغني عن رجل سمَّاه أنَّه قال: لو أنَّ رجلًا صلَّى الرَّكعتين بعد المغرب في المسجد، ما أجزأه، فقال: ما أحسنَ ما قال هذا الرَّجل! وما أجود ما ابتدع(2) !)، وقد ذكر ذلك ابن القيِّم في أوائل «الهدي» بأطولَ مِن هذا](3).
          قالَ العلماءُ: والمعنى في مشروعيَّة النَّوافل: تكميلُ الفرائضِ بها إنْ عَرَضَ فيها نقصٌ، كما ثبت في الحديث في «سنن أبي داود» وغيره، وترتاض نفسه بتقديم النَّافلة، وتنشطُ(4) بِها، ويَتفرَّغُ قلبه أكمل فراغ للفريضةِ، ولهذا استُحِبَّ أنْ تُفتَتَح صلاةُ اللَّيل بركعتينِ خفيفتين، والله أعلم.


[1] ما بين معقوفين سقط من (ج)، وانظر «المجموع» ░3/372▒.
[2] في (ب): (انتزع)، وكذا في «زاد المعاد»، والمثبت موافق لـ«مسائل الإمام أحمد»، رواية ابنه عبد الله ░1/97▒ ░341▒.
[3] ما بين معقوفين سقط من (ج)، وانظر «زاد المعاد» ░1/302-303▒.
[4] في (ب) و(ج): (يبسط).