التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

باب قول الله تعالى: {ومن أحياها}

          ░2▒ (بَابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}[المائدة:32])
          قوله: (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَنْ حَرَّمَ قَتْلَهَا إِلَّا بِحَقٍّ) حيي النَّاس منه جمعًا، هذا الأثر أخرجه إسماعيل بن أبي زياد السَّامي في تفسيره عنه، ورواه وكيعٌ عن سُفْيَانَ عَنْ خُصَيْفٍ عن مجاهدٍ عنه فذكره، قال: وحدَّثنا سفيان (1) عن مَنْصورٍ عن مُجاهدٍ قال: أَحياها مِن غرقٍ أو حرقٍ، وفي لفظٍ: ((مِن كفَّ عن قتلها فقد أحياها))، وعن ابن عبَّاسٍ أيضًا: إحياؤها أن لا يقتل نفسًا حرَّمها الله، وقد يُعطى مِن الثواب على قدر إحياء النَّاس كلِّهم. وقال زيد بن أسلم والحسن: مَن وجب له قِصاصٌ فعفا أعطاه الله مِن الأجر مثل ما لو أحيا الناس جميعًا، وقيل: وجب شكره على النَّاس / جميعًا.
          قوله صلعم : (لاَ تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا إِلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْهَا) ابْن آدم الأوَّل هو هابيل قَتل قابيل، ومَن سنَّ سنَّةً سيِّئةً كان عليه وزرها ووزر مَن عمل بها إلى يوم القيامة، وهذا يدلُّ على أنَّ هابيل كان أوَّل مولودٍ مِن بني آدم، والكِفل: النَّصيب والحظُّ، يُقال: للحظِّ الَّذي فيه الكفاية الكِفل كأنَّه تكفَّل صَاحبه بقوله: (كِفْلٌ مِنْهَا) أي: يكفل بأمره فيوفيه جزاء مَا كان ارتكبه مِن الإثم وعقوبة ما سنَّه مِن القتل، ويجوز أن يكون الكفل (2) بمعنى أنَّه إمامٌ كفيلًا بفعله الَّذي سنَّه في النَّاس يسلمه إلى عذاب الله، قاله التَّوْرَبَشْتيُّ.


[1] في الأصل:((حبان)).
[2] كذا في الأصل.