التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

باب التعوذ من المأثم والمغرم

          ░39▒ (بَابُ التَّعَوُّذِ مِنَ المَأْثَمِ وَالمَغْرَمِ)
          المأثم بمعنى الإثم نفسه وصفًا للمصدر موضع الاسم أو هو الأمر الذي يأثم به الإنسان، / وكذا حكم المغرَم، والمراد به مغرم الدُّيون وهو مَا يكرمك (1)أداؤه كالدَّين والدِّية ومغرم المعاصي، وقيل: هو الدين يريد به ما استُدين فيما يكرهه الله، أو فيما يجوز ثمَّ عجز عن أدائه. فأمَّا دين احتاج إليه وهو قادر على أداءه فلا استعاذة منه، فإن قيل: كيف استعاذ مِن المغرم، وكيف قال: إنَّ الله مع الدَّائن حتى يقضي دينه ما لم يكن فيما كره، كما رواه جعفر بن محمَّد، عن أبيه عن عبد الله بن جعفر يقول: اذهب فخذْ لي بدين؛ فإنِّي أكرَه أنْ أبيت ليلة إلَّا والله معي، بعدما سمعت مِن رسول الله صلعم؟ قيل: كلاهما صحيح، ولا تناقض بينهما، فالثاني في المستدين الذي ينوي قضاء دينه، وعنده في الأغلب ما يقضيه فالله في عونه عَلى قضائه، وفيمَن استدان فيما لا يكرهه الله، ثمَّ لم يجد سبيلًا إلى قضائه، فحقٌّ على الله أن يؤدِّيه، والأوَّل وهو المستعاذ منه أن يستدان (2) فيما يكرهه الله، ولا وجه عنده لقضائه إنْ طالبه به صاحبه، فهو معترض لهلاك الأموال ومتلفٌ لها، أو نوى ترك القضاء وعزم على الجحد فهو عاصٍ لربِّه وظالم لنفسه.
          ومثل هذا الدين يُستعاذ منه وبذلك يُعلم أنَّ الحالة الَّتي كره ◙ فيها الدَّين غير الحال التي ترخَّص لنفسه فيها، وذلك أنَّه مات ودرعه مرهونة عند يهوديٍّ بعشرين صاعًا مِن شعير.


[1] كذا في المخطوط ولعلها((يلزمك)).
[2] كذا في الأصل, ولعلها:((يستدين)).