التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

باب قول الله تعالى: {قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده}

          ░1▒ قوله: (قَوْلُهُ تَعَالَى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ}[الأعراف:32]) الاستفهام فيه بمعنى النَّفي، أي مَا حرَّم أحدٌ زينة الله، أي لبس الثِّياب الحسنة المباحة التي خلقها الله لعباده، و(أَخْرَجَ) بمعنى خلق.
          قوله: (وَقَالَ النَّبِيُّ صلعم : كُلُوا وَاشْرَبُوا وَتَصَدَّقُوا، فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلاَ مَخِيلَةٍ) الإسْراف مجاوزة الحدِّ، والمخيلة الكبر، وكَذلك الخُيَلاء، يُقال: خالَ الرَّجلُ واختالَ إذا تكبَّر.
          قال في «النِّهاية»: الخيلاء _بالمدِّ_ والمخيلة والبطر والكبر والزَّهو والتبختر كلها متدانية، يقال: خالَ الرجلُ خالًا واختال اختيالًا، إذا تكبَّر وهو رجل خالٍ، أي متكبِّر، والإسراف صرف الشَّيء زائدًا على ما ينبغي، والمخيلة بفتح الميم وبحاء معجمة.
          وحديث: (كلوا واشربوا.)) إلى آخره.. رواه أحمد في «مسنده» والنَّسائي في «سننه» وابن ماجه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه.
          قال الطَّيبي: ونفي السَّرف مطلقًا يستلزم نفي الخيلاء، فيكون نفي المخيلة بعده للتأكيد، واستيعاب ما تكرَّر فيها / نحو قوله تعالى:{فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا}[الإسراء:23].
          وهذا التَّعليق أخرجه ابن أبي شيبة عن يزيد بن هارون، أخبرنا همَّام عن قتادة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه مرفوعًا.. الحديثَ.
          قوله: (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كُلْ مَا شِئْتَ، وَالبَسْ مَا شِئْتَ مَا أَخْطَأَتْكَ اثْنَتَانِ: سَرَفٌ، أَوْ مَخِيلَةٌ)، أي ما دام متجاوز عنك خِصلتان (سَرَفٌ، أَوْ مَخِيلَةٌ)، والإخطاء التَّجاوز عن الصَّواب، و(ما) للدوام، أي كلْ ما شئت والْبس ما شئت مِن المباحات مدَّة تجاوز الخصلتين عنك، أو (ما) نافية، أي ما لم يوقعك في الخطأ اثنتان، والخطأ الإثم، فإن قلت: القياس أن يُقال: سرف ومخيلة _بالواو_؟ قلت: أو بمعنى الواو وهو كقوله تعالى: {وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا}[الإنسان:24] على تقدير النَّفي إذ انتفاء الأمرين لازمٌ فيه.
          وهذا الأثر عن ابن عباس أخرجه ابن أبي شيبة بسنده إلى طاووس عنه.