التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

حديث: تجدون الناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام

          3493- 3494- قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ) كذا وقع إسحاق منسوبًا بابن إبراهيم هنا، وفي باب استئذان الرَّجل الإمام من كتاب الجهاد، وفي باب قتال اليهود، وأطلقه بلا نسبة عن جرير في كتاب فرض الخمس فقال: (حدَّثنا إسحاق عن جرير عن عبد الملك بن عمير عن جابر بن سَمُرَة عن النَّبيِّ صلعم : ((إذا هلك كسرى)) الحديث.وكذلك في تفسير سورة لقمان فقال: (حدَّثنا إسحاق عن جرير عن أبي حَيَّانَ عن أبي زُرْعَةَ عن أبي هريرة عن النَّبيِّ صلعم أنَّه كان يومًا بارزًا للنَّاس) الحديث.ولم ينسب أحد إسحاق في هذين الموضعين ولا قال أَبُو نَصْرٍ الْكَلَابَاذِيُّ فيه شيئًا فلعلَّه فيهما هو.
          قوله: (عَنْ عُمَارَةَ) بضمِّ العين وفتح الميم.
          قوله: (عَنْ أَبِي زُرْعَةَ) بضمِّ الزَّاي وإسكان الرَّاء وفتح العين المهملة، واسمه هَرم، وقيل: عمرو، وقيل: عبد الرَّحمن بن عمرو بن جرير بن عبد الله البَجَلِيُّ، روى له الجماعة.
          قوله: (تَجِدُونَ النَّاسَ مَعَادِنَ، خِيَارُهُمْ فِي الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الإِسْلاَمِ إِذَا فَقِهُوا) بضمِّ القاف ويجوز كسرها، والمراد إذا صاروا فقهاء، وفقهاء جمع فقيه، وفقيه اسم فاعل من فَقُهَ _بضمِّ القاف_ إذا صار الفقه له سجيَّة، وأمَّا المكسور فمعناه فهم وهو المراد هنا، والمفتوح معناه أنَّه سبق غيره للفهم على قاعدة أفعال المغالبة.
          قوله: (وَتَجِدُونَ خَيْرَ النَّاسِ فِي هَذَا الشَّأْنِ أَشَدَّهُمْ لَهُ كَرَاهِيَةً) المراد بالشَّأن الإمارة، وكذا هو / المراد في قوله: ((النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ فِي هَذَا الشَّأْنِ)) فإن قلت: كيف يصير خير جميع النَّاس لمجرد كراهيته له، قلت: المراد إذا تساووا في سائر الفضائل، أو يزاد من النَّاس الأمراء، ومعناه من خيرهم بقرينة الحديث الذي بعده.
          قوله: (وَتَجِدُونَ شَرَّ النَّاسِ ذَا الوَجْهَيْنِ) أي: المنافق.قال تعالى: {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ}[النساء:143].
          قوله صلعم : (النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ فِي هَذَا الشَّأْنِ) قال البَغَوِيُّ: يريد تفضيل قريش وتقديمها في الإمامة والإمارة على قبائل العرب، وأخبر بقوله: ((مسلمهم لمسلمهم وكافرهم لكافرهم)) على أنَّهم لم يزالوا متبوعين في الجاهليَّة والإسلام إذ كان من البيت الذي هو شرفهم إليهم.قال الخطَّابيُّ: كانت العرب تُقدِّمُ قريشًا وتُعظِّمُهم وكانت دارهم موسمًا والبيت الذي هم سدنته منسكًا، وكلت لهم السِّقاية والرِّفادة، أي: الإعانة بالإطعام يطعمون الحجيج ويسقونهم، فحازوا بذلك الشَّرف والرِّئاسة.