التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب إلقاء النذر العبد إلى القدر

          قوله: (بَابُ إِلْقَاءِ النَّذْرِ العَبْدَ إِلَى القَدَرِ): (العبدَ): مَنْصُوبٌ مفعولُ المصدرِ؛ وهو (إلقاء)، و(النذرِ): مجرورٌ مضافٌ، وهذا ظاهِرٌ.
          وقوله: (بَابُ إِلْقَاءِ النَّذْرِ العَبْدَ إِلَى القَدَرِ): وفي نسخة أخرى: (باب إلقاءِ العبدِ النذرُ إلى القدر)، رأيت بخطِّ شيخِنا شيخِ الإسلام البُلْقينيِّ قال: (وليست واحدةٌ من الترجمتين مطابقةً للحديث، والمطابِق للحديث أن يُقال: «باب إلقاءِ القدرِ العبدَ إلى النذر»؛ لأنَّ الله تعالى قال: «لا يأتي ابنَ آدمَ النذرُ بشيءٍ لم يكن قد قدَّرتُه، ولكن يُلقيه القَدَرُ _وقد قدَّرتُه له_ أَستَخرج به مِن البَخيل»، فالحديث يقتضي أنَّ القدرَ يُلقِي العبدَ إلى أن ينذر، فيستخرج به من مال البخيل ما نذره، وقضيَّة الترجمة المذكورة في هذه النسخة _يعني: «باب إلقاءِ العبدِ النذرَ إلى القدر»_ أنَّ العبدَ يُلقِي النذرَ إلى القدر، وهذا لا يطابِقُ الحديثَ، وليس بمعنًى صحيحٍ، وقضيَّة الترجمة في أكثر النسخ: أنَّ النذر يُلقِي العبدَ إلى القدر، وليس كذلك، فتعيَّن ما قرَّرناه)، انتهت، وهو فَهمٌ حسنٌ في غايةٍ، والله أعلم، انتهى.
          وكتب إليَّ بعض حُفَّاظ العَصْرِ: أنَّ البُخاريَّ رواه _والظاهر أنَّه يعني: في غير «صحيحه»_: «ولكن يُلقيه النَّذرُ إلى القَدَر»، فكأنَّ البُخاريَّ أراد هذه الطريقَ، أو ما هذا معناه أو قريب منه. فكأنَّ هذا الحافظَ يقول: بوَّب البُخاريُّ بالحديث الذي ليس على شرطه، وأخرج ما هو على شرطه، والله أعلم.