التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث: احفظ وعاءها وعددها ووكاءها

          2426- قوله: (وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّ (بَشَّارًا) بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّ مُحَمَّدًا لقبُه بُنْدارٌ، وتَقَدَّم ما معنى (بُنْدار) [خ¦69]، وكذا تَقَدَّم (غُنْدَُرٌ): أنَّه بضَمِّ الغين المعجمة، ثمَّ نون ساكنة، ثمَّ دال مهملة مضمومةٍ ومفتوحةٍ، وأنَّه مُحَمَّدُ بن جعفر.
          قوله: (عَنْ سَلَمَةَ): هذا هو ابن كُهَيل؛ بضَمِّ الكاف، وفتح الهاء، تَقَدَّم سلمة ببعض ترجمةٍ [خ¦1953].
          قوله: (عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ): هو بفتح الغين المعجمة والفاء، [الكوفيُّ]، أبو أميَّة الجعفيُّ، وُلِد عام الفيل، وأسلم في حياته ╕، قدم المدينةَ حين دفنوا النَّبيَّ صلعم، وقد رُوِي أنَّه رأى وصَحِب، انتهى، وسمع أبا بكر وعِدَّةً، وعنه: سلمةُ بنُ كُهَيل وعَبْدةُ بنُ أبي لُبابة، ثقةٌ إمامٌ زاهدٌ قوَّامٌ، تُوُفِّيَ سنة ░81هـ▒، أخرج له الجماعة، وقيل في وفاته غيرُ ما ذكرت(1).
          قوله: (صُرَّةً مِئَةَ دِيْنَارٍ): (مئةَ): مَنْصوبٌ بدلٌ من (صُرَّة) المنصوب، والظاهر أنَّه يجوز فيها الرُّفع على أنَّها مبتدأ؛ أي: فيها مئة دينارٍ، أو خبرُ مبتدأ؛ أي: هي مئة دينار، والله أعلم.
          قوله: (فَقَالَ: عَرِّفْهَا حَوْلًا...) إلى أن قال: (ثمَّ أَتَيْتُهُ ثَلَاثًا): قال النَّوويُّ: (في روايات حديث زيد بن خالد: «عرِّفها سنةً» [خ¦91]، وفي حديث أُبيِّ بن كعب: «أنَّه ╕ أمره بتعريفها ثلاث سنين»، وفي رواية: «سنة واحدة»، وفي رواية: أنَّ الرَّاوي شكَّ قال: «لا أدري قال: حول أو ثلاثة أحوال» [خ¦2426]، وفي رواية: «عامَين أو ثلاثة»، قال القاضي عياض: «وقيل في الجمع بين الرِّوايات قولان؛ أحدهما: أن يُطرَح الشَّكُّ والزِّيادة، ويكون المراد: سنةً في رواية الشَّك، وتُردُّ الزِّيادة؛ لمخالفتها لباقي الأحاديث، والثَّاني: أنَّهما قضيَّتان، فرواية زيد في التَّعريف سنة محمولةٌ على أقلِّ ما يجزئ، ورواية أُبيِّ بن كعب في التَّعريف ثلاث سنين محمولةٌ على الورعِ وزيادةِ الفضيلة، وقد أجمع العلماء على الاكتفاء بتعريف سنة»، ولم يشترط أحدٌ تعريف ثلاثة أحوال إلَّا ما رُوِي عن عمر بن الخطَّاب، ولعلَّه لم يثبت عنه)، انتهى، وقال شيخنا الشَّارح: (قال ابن حزم: هو حديث ظاهره صحَّةُ السَّند إلَّا أنَّ سلمة أخطأ فيه بلا شكٍّ...) _إلى هنا انتهى كلام ابن حزم(2)_ إلى أن قال: (فزعم بعضهم: أنَّ الاختلاف في حديث أُبيِّ بن كعب: «عرِّفها ثلاثًا»، وفي أخرى: «أو حولًا واحدًا»، وفي أخرى: «في سنة أو ثلاث»، وفي أخرى: «عامين أو ثلاثًا»؛ يقتضي تعدُّد الواقعة؛ الأُولى: لأعرابيٍّ أفتاه بما يجوز له بعد عامٍ، والثانية: لأُبيٍّ أفتاه بالكفِّ عنها، والتَّربُّص بحكم الورع ثلاثة أعوام، وقد يكون ذلك لحاجة الأوَّل وغنى الثاني، وقد رجع أُبيٌّ إلى(3) «عام» آخِرًا وترك الشَّكَّ، ثمَّ هذا الحديث لم يقل بظاهره أحدٌ من أئمَّة الفتوى، كما قال ابن بطَّال ثمَّ المنذريُّ؛ أنَّ اللُّقطة تُعرَّف ثلاثة أعوام؛ لأنَّ سُوَيد بن غَفَلة قد وقف عليه أُبيُّ بن كعب مرَّةً أخرى حين لقيه، فقال: «لا أدري ثلاثة أحوال أو حولًا واحدًا»، وهذا الشَّكُّ يوجب سقوط التَّعريف ثلاثة أحوال، ولا يُحفَظ عن أحد ذلك إلَّا رواية جاءت عن عمر بن الخطَّاب(4) ذكرها عبد الرَّزاق عن ابن جُرَيج قال: قال مجاهد: وجد سفيان بن عبد الله عَيبة فيها مالٌ عظيمٌ، فجاء بها عمر، فقال: عرِّفها سنة، فعرَّفها سنة، ثمَّ جاءه، فقال: عرِّفها سنة، فعرَّفها، ثمَّ جاءه، فقال: عرِّفها سنة، ثمَّ جاءه بها، فجعلها عمر في بيت مال المسلمين، وأخرجه النَّسائيُّ بنحوه، ويحتمل أنَّ الذي قال له عمر ذلك كان مُوسِرًا على مَن يرى ذلك، وقد رُوِي عن عمر أيضًا: أنَّ اللُّقطة تُعرَّف سنة، مثل قول الجماعة، وفي «الحاوي» عن شواذٍّ مِن الفقهاء: أنَّها تُعرَّف ثلاثة أحوال، ونقل ابن المنذر عن عمر: تُعرَّف ثلاثة أشهر، قال: «وقد روينا عنه: يذكرها ثلاثة أيَّام، ثمَّ يعرِّفها سنةً»، وزعم ابن الجوزيِّ: أنَّ رواية: «ثلاثة أحوال» إمَّا أن تكون غلطًا من بعض الرُّواة، وإمَّا أن يكون المعرِّف عرَّفها تعريفًا غير جيِّد، كما قال للمسيء صلاته: «ارجع فصلِّ؛ فإنَّك لم تصلِّ»).
          قوله: (احْفَظْ): هو بهمزة وصل، وفتح الفاء، فإن ابتدأتَ بها؛ كسرتَها.
          قوله: (وِعَاءَهَا): هو بكسر الواو، وبالمدِّ، معروف، وقد تَقَدَّم، وكذا تَقَدَّم (الوِكَاءُ) [خ¦91]. /
          قوله: (فَلَقِيتُهُ بَعْدُ بِمَكَّةَ فَقَالَ: لَا أَدْرِي ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ، أَوْ حَوْلًا وَاحِدًا): قال الدِّمياطيُّ: (القائل: «فلقيته بعدُ»: هو شعبة؛ يريد بذلك سلمةَ بن كُهَيل، وذلك أنَّ أبا داود الطَّيالسيَّ [خ¦552] قال في الحديث: «قال شعبةُ: فلقيتُ سلمةَ بعد ذلك فقال: لا أدري ثلاثةَ أحوالٍ أو حَوْلًا واحدًا») انتهى، وقد قال شيخُنا نحوَ ما تَقَدَّم مِن كلام الدِّمياطيِّ، ثمَّ قال بعده بقليل: (وقال الدَّاوديُّ: الشَّكُّ من سلمة، قلت: لا، من أُبَيٍّ، كما سيأتي)؛ يريد بذلك ما تَقَدَّم، انتهى.


[1] في (ب): (غير ذلك)، وانظر «الاستيعاب» (ص318▒ ░1093▒، «تهذيب الكمال» ░12/265▒ ░2647▒، «تجريد الصحابة» ░1/250▒ ░2624▒، «الإصابة» ░2/118▒ ░3720▒.
[2] قوله: (إلى هنا انتهى كلام ابن حزم) جاء في النسختين وهو في (أ) مستدرك لاحقًا بعد قوله: (وقد رجع أُبيُّ إلى «عام» آخِرًا وترك الشَّكَّ)، والصواب موضعها هنا؛ لأن الآتي من كلام شيخه، لا من كلام ابن حزم.
[3] (إلى): سقط من (ب).
[4] زيد في (ب): (☺).