التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث: المدينة حرم ما بين عائر إلى كذا من أحدث فيها حدثًا

          1870- قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشِّين المعجمة، وأنَّه بُنْدَار، وتقدَّم ما معنى (بُنْدَار) [خ¦69].
          قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ): هذا هو ابن مَهْدِيٍّ، أحدُ الأعلام، المشهورُ.
          قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ)(1): الثَّوريُّ _وهو سفيان بن سعيد بن مسروق_ [وابنُ عُيَينة رَويا](2) عنِ الأعمشِ، [قاله ابنُ طاهر والكلاباذيُّ](3)، ورأيتُهم قد ذكروا في ترجمة عبد الرَّحمن بن مَهْدِيٍّ: أنَّه روى عَنِ السُّفيانَين، والله أعلم، فيُنظَر مَن سفيان منهما، والله أعلم.
          قوله: (عَنِ الأَعْمَشِ): تقدَّم مرارًا أنَّه سليمان بن مِهران الكاهليُّ القارئ، تقدَّم.
          قوله: (عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ): هو إبراهيم بن يزيدَ بن شَرِيك التَّيميُّ العابد، عن عائشة مرسلًا، وأنسٍ، وعَمرو بن ميمون، وعنه: الأعمشُ، ومسلمٌ البَطِين(4)، وعدَّةٌ، لم يبلغ الأربعين، قُتِل سنة ░192هـ▒، قال المحاربيُّ: حَدَّثَنَا الأعمش قال: قال لي إبراهيم التَّيميُّ: (ما أكلت منذ أربعين ليلة إلَّا حبَّة عنب)، أخرج له الجماعة.
          قوله: (عَنْ أَبِيهِ): (أبوه): هو يزيدُ بن شَرِيك التَّيميُّ الكوفيُّ، عن عُمَرَ وأبي ذرٍّ، وعنه: ابنُه إبراهيمُ والحَكَمُ، ثقة، أخرج له الجماعة.
          قوله: (إِلَّا كِتَابَُ اللهِ): (كتاب): يجوز فيه الرَّفع والنصب، وإعرابهما ظاهران.
          قوله: (وَهَذِهِ الصَّحِيفَةَُ): يجوز في (الصَّحيفة) الرَّفع والنَّصب، كالذي قبله.
          قوله: (مَا بَيْنَ عَايِرٍ إِلَى كَذَا): كذا وقع في طرقه كلِّها إلَّا في رواية الأصيليِّ في (الجزية والموادعة)، فإنَّه وقع فيها: (من عَيْر إلى ثور)، وقد وقع كذلك في «مسلم»: (حَرَمٌ ما بين عَيْر إلى ثور)، وقد تقدَّم رواية: (من كذا إلى كذا) [خ¦1867]، وهذه (من عاير إلى كذا)، وفي «مسلم»: (من عَيْر إلى ثور)؛ بإسقاط الألف.
          وقد اختلف النَّاس فيهما هل هما بالمدينة أو بمكَّة؟ ولا شكَّ أنَّهما بالمدينة، وهما معروفان، قال ابن المُنَيِّر: («من عَيْر إلى كذا» سكت عن النِّهاية، وقد جاء في طريق آخر: «ما بين عَيْر إلى ثور»)، قال: (والظَّاهر أنَّ البخاريَّ أسقطها عمدًا؛ لأنَّ أهل المدينة يُنكِرون أن يكون بها جبلٌ يُسمَّى ثورًا، وإنَّما ثورٌ بمكَّة، فلمَّا تحقَّق عنده أنَّه وَهَمٌ؛ أسقطه، وذكر بقيَّة الحديث)، وقد سلف أنَّه ذكرها في (الجزية والموادعة)، وقد أنكر مصعبٌ عَيرًا وثورًا، وقال: ليسا بالمدينة، وللنَّاس في ذلك كلام كثير، وقد ذكر المُحبُّ الطَّبريُّ عن عبد السَّلام بن مزروع: أنَّه رأى ثورًا بقرب أُحُد جبيلًا صغيرًا، سأل عنه الدَّليل، قال: هذا ثور، وقال المُحبُّ الطَّبريُّ: (إنَّه رآه غير مرَّة بالمدينة)، وعَيْر: جبل مشهور بالمدينة، وقال في «المناسك» _أعني: المحبَّ الطَّبريَّ_: (إنَّه أخبره الحافظ العلَّامة المسند أبو مُحَمَّد عبد السَّلام بن مزروع البصريُّ المجاور بحرم رسول الله صلعم: أنَّ حذاء أُحُد عن يساره جبلٌ صغيرٌ يقال له: ثور، وأخبر _يعني: ابن مزروع_ أنَّه تكرَّر سؤالُه عنه لطوائف من العرب المجاورين لتلك المواضع، وأنَّ أخبارهم تواردت بذلك)، انتهى(5).
          تنبيه: في «معجم الطَّبرانيِّ الكبير»: (ما بين عاير إلى أُحُد)، و(عاير)؛ بالعين المهملة، وبعد الألف مثنَّاة تحت، ثمَّ راء، وقال الجوهريُّ: (عير: جبل بالمدينة)، قال ابن قرقول: (قال الزُّبير: جبل بالمدينة، وقال عمُّه مصعب: لا يُعرَف بالمدينة جبل يقال له: عير، ولا: عاير، ولا: ثور)، انتهى، وقد تقدَّم ما ذُكِر في ذلك.
          قوله: (مَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا): تقدَّم معناه في ظاهرها [خ¦1867].
          قوله: (أَوْ آوَى): تقدَّم (آوى): بالمدِّ في المتعدِّي كهذا، وفي اللَّازم بالقصر، هذه لغة القرآن، ويجوز في كلٍّ من المتعدِّي المدُّ والقصرُ، وفي اللَّازم القصرُ والمدُّ، ولكنَّ الأفصح التَّفرقة، وهي لغة القرآن [خ¦66].
          قوله: (لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ): (يُقبَل): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، (صرفٌ): نائب مناب الفاعل، و(العدل): معطوف عليه، والصَّرف: التَّوبة، أو الحيلة، أو التَّصرُّف في فعل، أو النَّافلة، أو الفريضة، وقيل غير ذلك، والعدل: الفداء، أو الفريضة، أو النَّافلة، وقيل غير ذلك.
          قوله: (فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا): أي: لم يفِ له بعهده وغَدَرَه.


[1] زيد في (ج): (الظاهر أنه)، وضُرِب عليها في (أ).
[2] بدل ممَّا بين معقوفين في (ج): (ومستندي في ذلك أنِّي رأيت عبد الغنيِّ في «الكمال» ذكر في الرُّواة)، وكذا كان في (أ) قبل الإصلاح.
[3] بدل ممَّا بين معقوفين في (ج): (الثَّوري فقط، ولم يذكر ابن عيينة، وقال الذَّهبيُّ في «تذهيبه» أنَّه روى عنه سفيان وأطلق، فحملت المُطلَقَ على المقيَّد)، وكذا كان في (أ) قبل الإصلاح، وانظر «الهداية والإرشاد» ░1/311▒ ░432▒.
[4] في (ب): (القطين)، وهو تحريفٌ.
[5] (انتهى): ليس في (ب)، «القِرى لقاصد أُمِّ القُرى» (ص674▒، وانظر «غاية الإحكام» ░5/81▒.