التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث ابن عمر: أربع إحداهن في رجب

          1775- 1776- قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تقدَّم مرارًا أنَّه بفتح الجيم، وكسر الرَّاء، وأنَّه ابنُ عبد الحَمِيد الضَّبِّيُّ القاضي، وتقدَّم مُتَرجَمًا [خ¦70]، وكذا تقدَّم (مَنْصُور): أنَّه ابن المُعْتَمِر، وتقدَّم مُتَرجَمًا [خ¦70].
          قوله: (عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَعُرْوَةُ...) إلى أن قال: (وَسَمِعْنَا(1) اسْتِنَانَ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْحُجْرَةِ...) إلى آخره: اعلم أنَّ في هذا حُجَّةً لمن قال: إنَّ مجاهدًا سمع من عائشة ♦، وقد قال يحيى بن سعيد القطَّان: (لم يسمع مجاهد من عائشة، وسمعت شعبة ينكر أن يكون سمع منها)، وتبعهما على ذلك ابنُ مَعِين وأبو حاتم الرَّازيُّ، وحديثُه عنها في «البخاريِّ» و«مسلم»، وقد صرَّح في غير حديث بسماعه منها، وقد قال ابنُ المدينيِّ في «العلل»: (إنَّه سمع منها)، وفي «النَّسائيِّ» صرَّح بالتَّحديث منها من رواية موسى الجهنيِّ عن مجاهد، قال [موسى]: (أُتِيَ مجاهدٌ بقَدَح، فحَزَرْتُه ثمانيةَ أرطال، فقال: حدَّثتني عائشةُ ♦: أنَّ النَّبيَّ صلعم كان يغتسل بمثل هذا)، وقد تقدَّم هذا غير هذه المرَّة [خ¦312]، والمُنكِرون لسماعه منها: شعبةُ، والقطَّانُ، وابنُ مَعِين، وأبو حاتم، حرَّر ذلك ابنُ أبي حاتم في كتاب «المراسيل»، وقد قدَّمت ذلك هنا، ولكنِّي جمعته.
          قوله: (وَإِذَا نَاسٌ يُصَلُّونَ فِي الْمَسْجِدِ صَلَاةَ الضُّحَى، فَسَأَلْنَاهُ عَنْ صَلَاتِهِمْ، فَقَالَ: بِدْعَةٌ): الظَّاهر _والله أعلم_ أنَّه أراد بالبدعة: إيقاعها في المسجد جماعة، لا أصل الإيقاع، ويكون لم يبلغه حديث أبي أمامة في «أبي داود» عنه ╕ قال: «من خرج من بيته متطهِّرًا إلى صلاة مكتوبة، فأجره كأجر الحاجِّ المُحرِم، ومن خرج إلى تسبيح الضُّحى لا يُنصِبُه إلَّا إيَّاه، فأجره كأجر المعتمر»، وقد بوَّب المُحبُّ الطَّبريُّ على هذا الحديث: (باب استحباب فعلها في المسجد)، يعني: فعل صلاة الضُّحى، قال المُحبُّ: (ورآهم يصلُّونها جماعة في المسجد، فأنكر إيقاعها في المسجد كذلك، والله أعلم)، وقال النَّوويُّ عن القاضي عياض وغيره: (إنَّ مراده هذا الأخير)، ذكر ذلك في (كِتَاب الحجِّ) وذكر في (كِتَاب الصَّلاة)، كلاهما من «شرحه لمسلم» هذا التأويل، قال: (أو يقال: قوله: «بدعة»، أي: المواظبة عليها؛ لأنَّه ╕ لم يواظب عليها، خشية أن تُفرَض، وهذا في حقِّه ╕، وقد ثبت استحباب المحافظة في حقِّنا...) إلى أن قال: (أو يقال: [إنَّ] ابن عمر لم يبلغه فعلُه ╕، وأمرُه بها، وكيف كان، فجمهور العلماء على استحباب الضُّحى، وإنَّما نُقِلَ التوقُّف فيها عن ابن مسعود وابن عمر)، انتهى، وأبي بكر، قاله المُحبُّ الطَّبريُّ، وقولُ النَّوويِّ في الجواب: (إنَّه لم يبلغه) وكذا: (نُقِل عنه التوقُّف)، فيه نظر؛ إذ قد روى الحاكم عنه إثباتها قولًا أو فعلًا، كذا عزاه شيخنا إليه، وكأنَّه أراد «المُصنَّف في الضُّحى» الذي للحاكم، والله أعلم.
          قوله: (أَرْبَعٌ): كذا في أصلنا، وفي نسخة: (أربعًا)، وكلاهما في أصلنا، فإنَّه عمل على (أربع) رفعتين ونصبتين، أمَّا النَّصب، فظاهر إعرابه، أي: اعتمر أربعًا، وأمَّا الرفع، فعلى أنَّه خبر مبتدأ(2)؛ تقديره: عُمَرُه أربعٌ، والله أعلم.
          قوله: (أَرْبَعَ عُمُـَرَاتٍ): يجوز في الميم السُّكون، والفتح، والضَّمُّ.
          قوله: (إِحْدَاهُنَّ فِي رَجَبٍ): تقدَّم أعلاه الكلام في ذلك وردُّه [خ¦26/3-2781].
          وقوله: (أربعًا)، وكذا في حديث أنس: (أربعًا) [خ¦1778]، اعلم أنَّ الحديبية صُدَّ عنها، ولم يدخل الحرم، ولم يطفْ، ولم يسعَ، ولكنَّها في الأجر عمرة؛ لأنَّه صُدَّ عنها، والرَّابعة التي مع حجَّته، هذا على(3) القول بأنَّه قارن، وفيه خلاف معروف، وسيأتي حديث البراء: (اعتمر النَّبيُّ صلعم في ذي القعدة قبل الحجِّ مرَّتين)، انتهى [خ¦1781]، فهذا لم يَعُدَّ التي صُدَّ عنها، ولا التي مع حجَّته، وهذا يُخيَّل إليَّ أنَّه أشبه، والله أعلم.
          قوله: (وَسَمِعْنَا اسْتِنَانَ عَائِشَةَ): أي: استياكها.
          قوله: (مَا يَقُولُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ): هو عبدُ الله بن عمر، وهذا ظاهرٌ، وهي كنيته.


[1] في (ب) و(ج): (وسمعت).
[2] زيد في (ب): (محذوف).
[3] في (ج): (هو).