التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم

          قوله: (بَابٌ: كَمِ اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صلعم): اعلم أنَّه ╕ اعتمر أربعًا كلَّهنَّ في ذي القعدة إلَّا التي مع حجَّته، فإنَّها في ذي الحجَّة، فإنَّه كان قارنًا؛ لبضعةَ عشرَ دليلًا، ذكرها بعضُ مَن رجَّح القِرانَ.
          وأمَّا قول عبد الله بن عمر: (إنَّه ╕ اعتمر أربعًا، إحداهنَّ في رجب)؛ فوهم منه، وقد أنكرت عائشة قوله: (في رجب)، وأمَّا ما رواه الدَّارقطنيُّ عن عائشة قالت: (خرجت مع رسول الله صلعم / في عمرةٍ في رمضان، فأفطَرَ وصُمْتُ، وقَصَرَ وأتممْتُ...)؛ الحديث؛ فهذا غلط، فإنَّ رسول الله صلعم لم يعتمر في رمضان قطُّ، وعُمَرُهُ مضبوطةُ العَدَد والزَّمان، ونحن نقول: رحم الله أمَّ المؤمنين عائشة! ما اعتمر رسول الله صلعم في رمضان قطُّ، وقد قالت ♦: (لم يعتمر رسول الله صلعم إلَّا في ذي القعدة)، رواه ابن ماجه وغيره، ولا خلاف أنَّ عُمَره لم تزد على أربع، فلو كان قد اعتمر في رجب؛ لكانت خمسًا، ولو كان اعتمر في رمضان؛ لكانت ستًّا، إلَّا أن يقال: بعضهنَّ في رجب، وبعضهنَّ في رمضان، وبعضهنَّ في ذي القعدة، وهذا لم يقع، وإنَّما الواقع اعتمارُه في ذي القعدة، كما قال أنس، وابن عبَّاس، وعائشة، وقد روى أبو داود في «سننه» عن عائشة ♦: (أنَّ النَّبيَّ صلعم اعتمر في شوَّال)، وهذا إنْ كان محفوظًا؛ فلعلَّه في عمرة الجِعرانة حين خرج في شوَّال، ولكن إنَّما أحرم بها في ذي القعدة، والله أعلم.