التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب من استعان عبدًا أو صبيًا

          قوله: (وَيُذْكَرُ أَنَّ أُمَّ سَلَمَة(1)): (يُذكَر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكأنَّه لم يصحَّ عندَه على شرطِه، فلهذا مرَّضه، وفي أصلِنا: (أمَّ سَلَمة)، وعليها علامة راويها و(صح)، وهو ما قاله شيخُنا في «شرحه»، وفي الهامش: (سُلَيم) _يعني: أمَّ سُلَيم_ وعليها (صح)، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ في الأصل: (أمُّ سُلَيم)، وفوقها: (سلمة)؛ أي: أمُّ سلمة، وشيخُنا شرحه على أنَّها أمُّ سلمة، وصرَّح بأنَّها أمُّ المؤمنين، والله أعلم، قال شيخُنا الشارح: (أخرجه وكيع، عن مَعْمَر، عن سفيان، عن ابن المنكدر عنها، ولم يسمع منها)، انتهى، و(أمُّ سلمة): هند بنتُ أبي أُمَيَّةَ حذيفةَ المخزوميَّةُ، تَقَدَّمَ بعضُ ترجمتِها، وذكرتُ أنَّها تُوُفِّيَت بعد قتل الحُسين ☻ [خ¦115]، و(أمُّ سُلَيم): تَقَدَّمَت [خ¦130]، وهي زوجُ أبي طلحة زيدِ بن سهل.
          قوله: (إِلَى مُعَلِّمِ الكُتَّابِ): كذا أحفظُه بضَمِّ الكاف، وتشديد التاء، وكذا أسمعُ الناسَ يقرؤونَه، وأُخبِرْتُ أنَّ بعضَ طلبة العلم ضبطه بالقلم: (الكِتَاب)، بكسر الكاف، وتخفيف التاء، ومعناه: مُعَلِّم القرآن، و(مُعَلِّم الكُتَّاب): الذي يُعَلِّم الأولادَ الكتابةَ، أو يعلِّمهما.
          قوله: (يَنْفُشُونَ صُوفًا): هو بضَمِّ الفاء، وهذا مَعْرُوفٌ.
          قوله: (وَلَا تَبْعَثْ إِلَيَّ حُرًّا): قال شيخُنا: (واشتراطُ أمِّ سلمةَ ألَّا يُرسِل إليها حُرًّا؛ فلأنَّ الجمهورَ قائلون: بأنَّ مَنِ استعان صبيًّا حُرًّا لم يبلغ أو عبدًا بغير إذن مواليه، فهلكا في ذلك العمل، فهو ضامنٌ لقيمة العبدِ ولِدِيَة الصبيِّ الحُرِّ على عاقلته، ولا شكَّ أنَّ أمَّ سلمة أمٌّ لنا، فمالُنا كمالِها، وعَبيدُنا كعَبيدِها، وقال الداوديُّ: يَحتمل فِعْل أمِّ سلمة لأنَّها أمُّهم، وعلى هذا لا يفترق أن يُفرَّق بين حرٍّ وعبدٍ...) إلى آخر كلامه.
          ويَحتمل أنَّ أمَّ سلمةَ أرادت إجلالَ الصبيِّ الحرِّ عنِ العمل، ولم تُجِلَّ العبدَ؛ لأنَّه ممتَهَنٌ، ولا يأنَفُ سيِّدُه عن عاريته في الأعمال؛ بخِلاف الحُرِّ، فإنَّ والدَه أو والدَتَه قد يُجِلُّه عنِ الامتهان، وإن كان حكمُ أمِّ سلمة بخلاف حكم غيرها مع الناس، أو لأنَّ المهانةَ(2) في العبد خفيفةٌ جِدًّا، والله أعلم، قلتُه ولم أرَه لأحدٍ.


[1] كذا في (أ) و(ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليه: (سُلَيْمٍ).
[2] في (أ): (المانة)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.