فتح الباري بشرح صحيح البخاري

كتاب الفتن

          قوله (‏♫)
          ░░92▒▒ (كتاب الفتن)
          في رواية كريمة والأصيلي تأخير البسملة الفتن جمع فتنة قال الراغب أصل الفتن إدخال الذهب النار لتظهر جودته من رداءته ويستعمل في إدخال الإنسان النار ويطلق على العذاب كقوله تعالى {ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ} [الذاريات:14] وعلى ما يحصل عند العذاب كقوله تعالى {أَلاَ فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ} [التوبة:49] وعلى الاختبار كقوله تعالى {وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا} [طه:40] وفيما يدفع إليه الإنسان من شدة ورخاء وفي الشدة أظهر معنىً وأكثر استعمالاً قال تعالى {وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [الأنبياء:35] ومنه قوله تعالى {وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ} [الإسراء:73] أي يوقعونك في بلية وشدة في صرفك عن العمل بما أوحي إليك.
          وقال أيضاً الفتنة تكون من الأفعال الصادرة من الله ومن العبد كالبلية والمصيبة والقتل والعذاب والمعصية وغيرها من المكروهات فإن كانت من الله فهي على وجه الحكمة وإن كانت من الإنسان بغير أمر الله فهي مذمومة فقد ذم الله الإنسان بإيقاع الفتنة كقوله ‏ {وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ} [البقرة:191] ‏ وقوله {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [البروج:10] ‏وقوله {مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ} [الصافات:162] ‏ وقوله {بِأَييِّكُمُ الْمَفْتُونُ} [القلم:6] وقوله {وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ} [المائدة:49] .
          وقال غيره أصل الفتنة الاختبار ثم استعملت فيما أخرجته المحنة والاختبار إلى المكروه ثم أطلقت على كل مكروه أو آيل إليه كالكفر والإثم والتحريق والفضيحة والفجور وغير ذلك. /