فتح الباري بشرح صحيح البخاري

كتاب التيمم

           قوله (♫)
           ░░7▒▒ (كتاب التيمم)
          البسملة قبله لكريمة وبعده لأبي ذر وقد تقدم توجيه ذلك.
          والتيمم في اللغة القصد. /
          وفي الشرع القصد إلى الصعيد لمسح الوجه واليدين بنية استباحة الصلاة ونحوها وقال ابن السكيت قوله {فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا} [النساء:43] أي اقصدوا الصعيد ثم كثر استعمالهم حتى صار التيمم مسح الوجه واليدين بالتراب انتهى فعلى هذا هو مجاز لغوي وعلى الأول هو حقيقة شرعية.
          واختلف في التيمم هل هو عزيمة أو رخصة وفصل بعضهم فقال هو لعدم الماء عزيمة وللعذر رخصة.
          قوله (قول الله تعالى) في رواية الأصيلي <وقول الله> بزيادة واو والجملة استئنافية.
          قوله ({فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء} [النساء:43] ) كذا للأكثر وللنسفي وعبدوس والمستملي والحموي <فإن لم تجدوا> قال أبو ذر كذا في روايتنا والتلاوة {فَلَمْ تَجِدُواْ} قال صاحب «المشارق» هذا هو الصواب.
          -قلت: ظهر لي أن البخاري أراد أن يبين أن المراد بالآية المبهمة في قول عائشة في حديث الباب ((فأنزل الله آية التيمم)) أنها آية المائدة وقد وقع التصريح بذلك في رواية حماد بن سلمة عن هشام عن أبيه عن عائشة في قصتها المذكورة قال ((فأنزل الله آية التيمم فإن لم تجدوا ماءً فتيمموا)) الحديث فكأن البخاري أشار إلى هذه الرواية المخصوصة واحتمل أن تكون قراءةً شاذةً لحماد بن سلمة أو غيره أو وهمًا منه وقد ظهر أنها عنت آية المائدة وأن آية النساء قد ترجم لها المصنف في «التفسير» وأورد حديث عائشة أيضًا ولم يرد خصوص نزولها في قصتها بل اللفظ الذي على شرطه محتمل للأمرين والعمدة على رواية حماد بن سلمة في ذلك فإنها عينت ففيها زيادة على غيرها والله أعلم.
          قوله (وأيديكم) إلى هنا في رواية أبي ذر زاد في رواية الشبويي وكريمة <منه> وهي تعين آية المائدة دون آية النساء وإلى ذلك نحا البخاري فأخرج حديث الباب في «تفسير سورة المائدة» وأيد ذلك برواية عمرو بن الحارث عن عبد الرحمن بن القاسم في هذا الحديث ولفظه (فنزلت {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} إلى قوله {تَشْكُرُونَ} [المائدة:6] ).