فتح الباري بشرح صحيح البخاري

كتاب المظالم

          قوله (♫)
          ░░46▒▒ (كتاب في المظالم والغصب)
          كذا للمستملي وسقط (كتاب) لغيره وللنسفي <كتاب الغصب باب في المظالم> والمظالم جمع مظلمة مصدر ظلم يظلم واسم لما أخذ بغير حق والظلم وضع الشيء في غير موضعه الشرعي والغصب أخذ حق الغير بغير حق.
          قوله (وقول الله ╡ {وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ} إلى قوله {عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} [إبراهيم:42-47] ) كذا لأبي ذر وساق غيره الآية.
          قوله ({مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ} [إبراهيم:43] رافعي رؤوسهم المقنع والمقمح واحد) سقط للمستملي والكشميهني قوله <رافعي رؤوسهم> وهو تفسير مجاهد أخرجه الفريابي من طريقه وهو قول أكثر أهل اللغة والتفسير وكذا قاله أبو عبيدة في «المجاز» واستشهد بقول الراجز:
أنهض نحوي رأسه وأقنعا                     كأنما أبصر شيئًا أطمعا
          وحكى ثعلب أنه مشترك يقال أقنع إذا رفع رأسه وأقنع إذا طأطأ ويحتمل أن يراد الوجهان أن يرفع رأسه ينظر ثم يطأطئه ذلا وخضوعًا قاله ابن التين وأما قوله (المقنع والمقمح واحد) فذكره أبو عبيدة أيضًا في «المجاز» في تفسير سورة يس وزاد معناه أن يجذب الذقن حتى تصير في الصدر ثم يرفع رأسه وهذا يساعد قول ابن التين لكنه بغير ترتيب.
          قوله ({وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء} [إبراهيم:43] يعني جوفًا لا عقول لهم) هو تفسير أبي عبيدة أيضًا في «المجاز» واستشهد بقول حسان:
ألا أبلغ أبا سفيان عني                     فأنت مجوف نحب هواء
          والهواء الفلاء الذي لم تشغله الأجرام أي لا قوة في قلوبهم ولا جراءة وقال ابن عرفة معناه نزعت أفئدتهم من أجوافهم.
          قوله (وقال مجاهد {مُهْطِعِينَ} [إبراهيم:43] مديمي النظر وقال غيره مسرعين) ثبت هذا هنا لغير أبي ذر ووقع له هو في ترجمة الباب الذي بعده وتفسير مجاهد وصله الفريابي أيضًا وأما تفسير غيره فالمراد أبو عبيدة أيضًا فكذا قاله واستشهد عليه وهو قول قتادة والمعروف في اللغة ويحتمل أن يكون المراد كلا الأمرين وقال ثعلب المهطع الذي ينظر في ذل وخشوع لا يقلع بصره. /