فتح الباري بشرح صحيح البخاري

كتاب الصلاة

          (♫)
          ░░8▒▒ (كتاب الصلاة)
          تقدم في مقدمة هذا الشرح ذكر مناسبة كتب هذا الصحيح في الترتيب ملخصًا من كلام شيخنا شيخ الإسلام وفي أوائلها مناسبة تعقيب الطهارة بالصلاة لتقدم الشرط على المشروط والوسيلة على المقصود وقد تأملت «كتاب الصلاة» منه فوجدته مشتملًا على أنواع تزيد على العشرين فرأيت أن أذكر مناسبتها في ترتيبها قبل الشروع في شرحها فأقول:
          بدأ أولًا بالشروط السابقة على الدخول في الصلاة وهي الطهارة وستر العورة واستقبال القبلة ودخول الوقت ولما كانت الطهارة تشتمل على أنواع أفردها بكتاب واستفتح كتاب الصلاة بذكر فرضيتها لتعين وقته دون غيرها من أركان الإسلام وكان ستر العورة لا يختص بالصلاة فبدأ به لعمومه ثم ثنى بالاستقبال للزومه في الفريضة والنافلة إلا ما استثني كشدة الخوف ونافلة السفر وكان الاستقبال يستدعي مكانًا فذكر المساجد ومن توابع الاستقبال سترة المصلي فذكرها ثم ذكر الشرط الباقي وهو دخول الوقت وهو خاص بالفريضة وكان الوقت يشرع الإعلام به فذكر الأذان وفيه إشارة إلى أنه حق الوقت وكان الأذان إعلامًا بالاجتماع إلى الصلاة فذكر الجماعة وكان أقلها إمام ومأموم فذكر الإمامة.
          ولما انقضت الشروط وتوابعها ذكر صفة الصلاة ولما كانت الفرائض في الجماعة قد تختص بهيئة مخصوصة ذكر الجمعة والخوف وقدم الجمعة لأكثريتها ثم تلا ذلك بما تشرع فيه الجماعة من النوافل فذكر العيدين والوتر والاستسقاء والكسوف وأخره لاختصاصه بهيئة مخصوصة وهي زيادة الركوع ثم تلاه بما فيه زيادة سجود فذكر سجود التلاوة لأنه قد يقع في الصلاة وكان إذا وقع اشتملت الصلاة على زيادة مخصوصة فتلاه بما يقع فيه نقص من عددها وهو قصر الصلاة ولما انقضى ما تشرع فيه الجماعة ذكر ما لا تستحب فيه وهو سائر التطوعات.
          ثم للصلاة بعد الشروع فيها شروط ثلاثة وهي ترك الكلام وترك الأفعال الزائدة وترك المفطر فترجم لذلك ثم بطلانها يختص بما وقع على وجه العمد فاقتضى ذلك ذكر أحكام السهو ثم جميع ما تقدم متعلق بالصلاة ذات الركوع والسجود فعقب ذلك بصلاة لا ركوع فيها ولا سجود وهي الجنازة.
          هذا آخر ما ظهر من مناسبة ترتيب «كتاب الصلاة» من هذا «الجامع الصحيح» ولم يتعرض أحد من الشراح لذلك فلله الحمد على ما ألهم وعلم. / /