فتح الباري بشرح صحيح البخاري

أبواب صدقة الفطر

          (♫)
          ░░24م▒▒ (أبواب صدقة الفطر باب فرض صدقة الفطر) كذا للمستملي واقتصر الباقون على < باب > وما بعده ولأبي نعيم ((كتاب)) بدل باب وأضيفت الصدقة للفطر لكونها تجب بالفطر من رمضان وقال ابن قتيبة المراد بصدقة الفطر صدقة النفوس مأخوذة من الفطرة التي هي أصل الخلقة والأول أظهر ويؤيده قوله في بعض طرق الحديث كما سيأتي ((زكاة الفطر من رمضان)).
          قوله (ورأى أبو العالية وعطاء وابن سيرين صدقة الفطر فريضةً) وصله عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء ووصله ابن أبي شيبة من طريق عاصم الأحول عن الآخرين وإنما اقتصر البخاري على ذكر هؤلاء الثلاثة لكونهم صرحوا بفرضيتها وإلا فقد نقل ابن المنذر وغيره الإجماع على ذلك لكن الحنفية يقولون بالوجوب دون الفرض على قاعدتهم في التفرقة وفي نقل الإجماع مع ذلك نظر لأن إبراهيم بن علية وأبا بكر بن كيسان الأصم قالا إن وجوبها نسخ واستدل لهما بما روى النسائي وغيره عن قيس بن سعد بن عبادة قال ((أمرنا رسول الله صلعم بصدقة الفطر قبل أن تنزل الزكاة فلما نزلت الزكاة لم يأمرنا ولم ينهنا ونحن نفعله)) وتعقب بأن في إسناده راويًا مجهولًا وعلى تقدير الصحة فلا دليل / فيه على النسخ لاحتمال الاكتفاء بالأمر الأول لأن نزول فرض لا يوجب سقوط فرض آخر ونقل المالكية عن أشهب أنها سنة مؤكدة وهو قول بعض أهل الظاهر وابن اللبان من الشافعية وأولوا قوله فرض في الحديث بمعنى قدر قال ابن دقيق العيد هو أصله في اللغة لكن نقل في عرف الشرع إلى الوجوب فالحمل عليه أولى انتهى ويؤيده تسميتها زكاةً وقوله في الحديث ((على كل حر وعبد)) وبالتصريح بالأمر بها في حديث قيس بن سعد وغيره ولدخولها في عموم قوله تعالى {وَآتَوُا الزَّكَاةَ} [الحج:41] فبين صلعم تفاصيل ذلك ومن جملتها زكاة الفطر وقال الله تعالى {قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى} [الأعلى:14] وثبت أنها نزلت في زكاة الفطر وثبت في «الصحيحين» إثبات صفة الفلاح لمن اقتصر على الواجبات قيل وفيه نظر لأن في الآية {وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى:15] فيلزم وجوب صلاة العيد ويجاب بأنه خرج بدليل عموم ((هن خمس لا يبدل القول لدي)).