مصابيح الجامع

سورة الرحمن

          ░░░55▒▒▒ (سورة الرحمن).
          (قال مجاهد: {بِحُسْبَانٍ} [الرحمن:5]: كحُسبان الرحى) وهو العودُ المستدير الذي باستدارتهِ تستدير المطحنة؛ أي: يدوران في مثل قطب الرحى.
          وقيل: جمع حِساب (1)؛ كشِهاب وشُهبان، وهو (2) قول ابن عبَّاس: بحساب ومنازلَ؛ أي: يجريان في منازلهما بحساب لا يغادران ذلك.
          (وقال أبو مالك: {العصفُ}: أولُ ما يَنبت، تسميه النَّبط: هَيُّوراً) النَّبَطُ: بفتح النون والباء الموحدة، وهَيُّوراً: بهاء مفتوحة فمثناة تحتية (3) مشددة مضمومة فواو فراء(4).
          ({الْمُنْشَآتُ}: ما رفع قِلْعُه (5) من السفن) القِلْع _بكسر القاف_: شراع السفينة، قاله القاضي.
          وضبطه السفاقسي بكسر القاف وسكون اللام، وضبطه بعضهم بفتح اللام.
          (قال بعضهم: ليس الرمانُ والنخلُ بفاكهة) قال الزركشي: يريد به: أبا حنيفة.
          ورُدَّ عليه بأن العرب تعدُّهما فاكهة، وأن عطفَهما على الفاكهة من باب عطفِ الخاصِّ على العام.
          وقد رُدَّ (6) على البخاري بأن {فاكهة} نكرة في سياق الإثبات، فلا عموم إذن.
          قال الزركشي: وهذا الردُّ مردودٌ بأمرين:
          أحدهما: أنه نكرة في سياق الامتنان (7)، وهي عامة.
          والثاني: أنه ليس المراد بالعام والخاص هنا: المصطلَحَ عليه في الأصول، بل كلَّ ما كان الأولُ فيه شاملاً (8) للثاني.
          قلت: متى اعتُبر الشُّمولُ، جاء الاستغراقُ، وهو المرادُ فيما اصطلح عليه الأصوليون، ولعل مرادَه: كل ما كان الأولُ فيه صادقاً على الثاني، سواءً كان هنا استغراقٌ، أو لم (9) يكن.
          ثم هنا فائدة لا بأس بالتنبيه عليها، وهي (10) أن الشيخ أبا حيان نقل قولين في المعطوفات إذا اجتمعت، هل كلها معطوف على الأول، أو كلُّ واحد (11) منها (12) معطوف على ما قبله؟
          فإن قلنا بالثاني، لم يكن عطفُ النخل على الرمان من باب عطف الخاصِّ على العام، بل من عطف أحدِ المتبايِنَيْن على الآخر، ومن هذه الفائدة يتَّجه لك المنازعةُ في قولهم: إن قوله تعالى: {مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ} [البقرة:98] أن هذا من عطف الخاص على العام، وليس كذلك.
          فأمَّا إن قلنا بالقول الأول (13)، فجبريلُ معطوف على لفظ الجلالة، وإن قلنا بالثاني، فهو معطوف على {رُسُلِهِ} [البقرة:98]، والظاهر أن المراد بهم: الرسلُ من بني آدم؛ لعطفهم على الملائكة، فليس منه.
          (وقال أبو الدرداء: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ}: / يغفر ذنباً، ويكشف كَرْباً، ويرفع قوماً، ويضع آخرين) قال غيره: يُخرج كلَّ يوم ثلاثةَ (14) عساكرَ: عسكرٌ من الأصلاب إلى الأرحام، وآخرُ من الأرحام إلى الأرض، وآخرُ من الأرض إلى القبور، ويقبض ويبسط، لا إله إلا هو.


[1] في (ج) و(د) و(م): ((حسبان)).
[2] في (ق) زيادة ((معنى)).
[3] من قوله: ((أول ما ينبت... إلى... قوله: تحتية)): ليس في (ق).
[4] ((فواو فراء)): ليست في (ق).
[5] ((قلعه)): ليست في (د).
[6] في (د): ((ورد)).
[7] من قوله: ((فلا عموم... إلى... قوله: الامتنان)): ليس في (ق).
[8] في (ج) و(د) و(م): ((شامل)).
[9] في (ق): ((إذا لم)).
[10] في (ج) و(د) و(م): ((وهو)).
[11] ((واحد)): ليست في (ق).
[12] في (د): ((منهما)).
[13] في (ج) و(د): ((الآخر)).
[14] ((ثلاثة)): ليست في (د).