مصابيح الجامع

سورة النحل

          ░░░16▒▒▒ (سورة النَّحْلِ).
          ({تَمِيدَ}: تَكَفَّأُ) ضبطه بعضهم بضم المثناة الفوقية وفتح الفاء، وضبطه آخرون بفتح المثناة والكاف وتشديد الفاء بعدها همزة.
          قال السفاقسي: وهو أشبه، وقيل: {تَمِيدَ} تتحرك.
          ({فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} [النحل:98]) هذا مقدَّم ومؤخَّر، وذلك أن الاستعاذة قبل القراءة: فالمعنى حينئذٍ: فإذا استعذتَ بالله، فاقرأ القرآن.
          وفيه نظر؛ لأنه يلزم أن يكون الإنسان مأمورًا بقراءة القرآن عند الاستعاذة، والمشهور في الآية أن المعنى: فإذا أردت القراءة (1)، فاستعذ.
          قال الشيخ بهاءُ الدين السبكيُّ في «شرح التلخيص»: وعليه سؤال، وهو أن الإرادة إن أُخِذَت مطلقًا لزم استحبابُ الاستعاذة بمجرد إرادة القراءة، حتى لو أراد، ثم عَنَّ له أن لا يقرأ، يُستحب (2) له الاستعاذةُ، وليس (3) كذلك، وإن أُخذت الإرادة بشرط اتصالها بالقراءة، استحال تحققُ العلم بوقوعها، ومُنع (4) حينئذٍ استحبابُ الاستعاذة قبل القراءة.
          قلت: بقيَ عليه قسم آخر باختياره يزولُ الإشكال، وذلك أنَّا لا نأخذ الإرادة مطلقًا، ولا نشترط (5) اتصالها بالقراءة، وإنما نأخذها مقيدةً بأن لا يَعِنَّ (6) له صارف عن القراءة، فلا يلزم حينئذٍ استحبابُ الاستعاذة بعد طروِّ (7) العزم على عدم القراءة، ولا يلزم أيضًا استحالةُ تحققِ العلم بوقوعها، فزال الإشكال، ولله الحمد.
          (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {حَفَدَةً} [النحل:72]: مَنْ ولدَ الرجلَ) وقال ابنُ قتيبة: الحفَدَةُ: الخَدَمُ والأَعوانُ، ويقال: الحفَدَةُ: الأصهار.
          (السَّكَرُ: مَا حُرِّمَ مِنْ ثَمَرتهَا) وفي نسخة: <من شربها>.
          (وَالرِّزْق الْحَسَنُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ) قال النحاس: هذه الرواية معناها الإخبار بأنهم يفعلون ذلك؛ لأنهم أُذن لهم فيه، قال: وهي رواية / ضعيفةٌ؛ لأن راويها (8) عمرو بن سفيان.
          وقال ابنُ قتيبة: سَكَرًا؛ أي: خَمْرًا، ونزل هذا قبلَ تحريم الخمر؛ لأن النحلَ مكيةٌ، وتحريم الخمر كان بالمدينة.
          (وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ صَدَقَةَ: {أَنْكَاثًا} [النحل:92]: هِيَ خَرْقَاءُ، كَانَتْ إِذَا أَبْرَمَتْ غَزْلَهَا، نَقَضَتْهُ) قيل(9) : هي رَيْطَةُ بنتُ سعدِ بنِ تميم (10)، وكانت (11) خرقاءَ، اتخذت مِغْزلًا قدرَ ذِراع، وسنارة مثلَ أصبع، وفلكة عظيمة على قدرها، وكانت تغزل هي وجواريها من الغداة إلى الظهر، ثم تأمرهنَّ فينقضنَ ما غزلنَ(12).
          وقال مقاتل: هذه قرشية، اسمها: رَيْطَةُ بنتُ عَمْرِو بنِ كَعْبٍ.
          وذكر السَّهيلي أنها بنتُ سعدِ بنِ زيدِ مناةَ، وجزم به ابن التين، وزعم غيره أنها ريطة بنتُ عمر (13) بنِ سعدٍ(14).
          روى ابنُ مردويه في «تفسيره»: عن ابن عباس: أنها نزلت في التي كانت (15) تُصْرَع، وخَيَّرَها النبيُّ صلعم بين الصبر، والدعاء لها، فاختارت الصَّبر والجنة.


[1] في (د): ((القرآن)).
[2] في (ق): ((استحب)).
[3] في (د): ((بمجرد)).
[4] في (ج) و(ق) و(د): ((ويمتنع)).
[5] في (ج): ((بشرط))، وفي (ق): ((شرط)).
[6] في (ج) و(د): ((تعين))، وفي (ق): ((يعني)).
[7] ((طرو)): ليست في (ق).
[8] في (ج): ((رواتها)).
[9] ((قيل)): ليست في (ق).
[10] في (ج) و(م): ((تيم)).
[11] في (م): ((وكان)).
[12] في (ق): ((فينقضن غزلهن)).
[13] في (ج): ((عمرو)).
[14] من قوله: ((وذكر السهيلي... إلى... قوله: ابن سعد)): ليس في (د).
[15] ((كانت)): ليست في (ق).