مصابيح الجامع

كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

          ░░1▒▒ (قال البخاري ☼: باب) هو خبرُ مبتدأ محذوف؛ أي: هذا باب، ويُروى: بالتنوين.
          قوله (1) : (كَيْفَ كَانَ بَدْءُ الوَحْيِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلعم؟) جملةٌ لا محل لها من الإعراب، أتى (2) بها لبيان ما عقد الباب لأجله.
          ويُروى بترك التنوين، قالوا: على أنَّه مضاف لتلك الجملة بعده، فهي في محل خفضٍ.
          فإن قلتَ: لا يضاف إلى الجملة إلا أحدُ أشياء مخصوصة ذكرها النحاةُ، وليس ((الباب)) شيئًا (3) منها؟
          قلتُ: هذا إنما هو في الجملة التي لا يراد بها لفظُها، وأما ما أُريد به لفظُه من الجُمَل، فهو في حكم المفردِ، فتضيفُ إليه ما شئتَ مما يُقبل (4) بلا حصر (5)، ألا ترى أنك تقول: محلَّ قام أبوه من قولك: زيدٌ قام أبوه، رفعٌ، ومعنى لا إله إلا الله: إثباتُ الإلهية لله تعالى، ونفيُها عما (6) سواه إلى غير ذلك (7).
          وهنا أُريد لفظُ الجملة.
          والأصل: هذا بابُ شرحِ كيفَ كان بدءُ (8) الوحي؛ أي: باب شرح هذا الكلام، ثم حُذف المضاف، وأُقيم المضافُ إليه مقامَه.
          وقد استبانَ لك أن عدَّ ابن هشام في «مُغنيه» ((قولًا)) و((قائلًا)) من الألفاظ المخصوصة التي تضاف (9) إلى الجملة، غير ظاهر.
          ولا يخفى سقوطُ قولِ الزركشي: لا يقال: كيف، لا يضاف إليها؛ لأنا نقول: الإضافة إلى الجملة كَلَا إضافة. انتهى.
          وتقع هذه الترجمة في بعض النسخ بدون كلمة: <باب>.
          و((بَدْء)): بباء موحدة مفتوحة فدال مهملة ساكنة فهمزة، من الابتداء، ويُروى: <بُدُوّ> بواو (10) مشددة؛ كظُهُور زِنةً ومعنى.
          وهل الأحسنُ الأولُ؛ لأنه يجمع المعنيين، أو الثاني؛ لأنه أعم؟ رأيان (11).
          (وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى) إما بكسر اللام من: ((قول)) (12)، على أنه معطوف على محل الجملة السابقة في رواية من ترك تنوين ((باب)).
          وفي قولهم: عُطِفَ على ((كيف)) مسامحةٌ، وإما بضمها على أنه مبتدأ، والخبر محذوفٌ؛ أي: وقول الله تعالى كذا مما يتعلَّق بهذا الباب، ونحو (13) هذا من التَّقدير.


[1] في (ج) و(د): ((فقوله)).
[2] في (ج): ((وأتى)).
[3] في (ق): ((شيء)).
[4] في (ق): ((مما لا يعد)).
[5] في (د): ((يقبل إلى حصر)).
[6] في (ق): ((عنما)).
[7] في هامش (ق): ((هذا مثال الصغرى زيد مبتدأ وقام فعل ماض وأبوه فاعل ومضاف إليه وجملة قام أبوه فعلية صغرى ومحلها رفع على الخبرية وجملة زيد قام أبوه كبرى ولا محل لها لأنها مستأنفة)).
[8] في (ق): ((بدو)).
[9] في (ق): ((التي لا يضاف)).
[10] في (د): ((بباب)).
[11] في (ق): ((وإياك)).
[12] في (ق): ((قوله)).
[13] في (ق): ((أو نحو)).