مصابيح الجامع

{حم} السجدة

          ░░░41▒▒▒ (سورة حم السجدة).
          ({ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً}: أَعْطيا) ائتيا: من الإتيان، وهو المجيء (1)، فكيف يُفَسَّر بالإعطاء، وهذا غير (2) معروف في اللغة، وإنما يفسر بالإعطاء قولُك(3) : آتيتُ زيداً مالاً _بمد همزة القطع_، والهمزة التي في الآية همزة وصل.
          وقال السفاقسي: لعل ابن عباس قرأ بالمد، فيصح تفسيره بالإعطاء.
          (قال رجل لابن عباس: إني لأجد في القرآن أشياء (4) تختلفُ عليَّ) روى الحاكم في «المستدرك» في كتاب: الأهوال: عن داود بن أبي هند (5)، عن عكرمة،عن ابن عبَّاس، قال: سأله نافعُ بنُ الأزرق عن قوله ╡: {هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ} [المرسلات:35]، و{فَلَا (6) تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً} [طه:108]، {وَأَقْبَلَ (7) بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} [الصافات:27]، و{هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} [الحاقة:19]، فقال: وَيْحَكَ! هل سألتَ عن هذا أحداً قبلي؟ قال: لا، قال(8) : أما إنك لو سألتَ هلكتَ، أليس قال الله تعالى: {وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} [الحج:47]، قال: بلى، وإن لكلِّ مقدارِ يومٍ من هذه الأيام لوناً من هذه الألوان. قال: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، انتهى.
          فعلى هذا يُفسَّر (9) المبهم هنا بنافع بن الأزرق، كذا في «الإفهام».
          (والسَّمَاء بناها) التلاوة: {أَمِ السَّمَاءُ}.
          (والهدى الذي هو الإرشاد بمنزلة أسعدناه) حكى الزركشيُّ عن السهيلي أنه قال: هو بالصاد أقربُ إلى تفسير: أرشدناه، من أسعدناه (10) _بالسين_؛ لأنه إذا كان بالسين كان من السعادة ضد الشقاوة، وأرشدتُ الرجلَ إلى الطريق، وهديتُه السبيل بعيدٌ من هذا التفسير.
          قلت: لا أدري ما الذي أبعدَ (11) هذا التفسير مع قربِ ظهوره؛ فإن الهدايةَ إلى السبيل والإرشادَ إلى الطريق إسعادٌ لذلك الشخص المهديِّ؛ إذ سلوكُه في الطريق مُفْضٍ إلى السعادة (12)، ومجانَبَتُه لها مما يؤدِّي إلى ضلالهِ وهلاكه.
          ثم (13) قال: فإذا قلت: ((أصعدناه)) بالصاد، خرجَ اللفظُ إلى معنى الصُّعُداتِ في قوله: ((إيَّاكُمْ والقُعُودَ على (14) الصُّعُدَاتِ))، وهي الطرق، وكذلك أصعدَ في (15) الأرض: إذا سار فيها على قصد، فإن كان البخاري قصد هذا وكتبها في نسخته: بالصاد، التفاتاً إلى حديث الصُّعدات، فليس يبعد (16)، ولا يُنكر.
          قلت: تكلُّف لا داعي إليه، وما في النسخ صحيحٌ بدون هذا، فتأمله.


[1] ((وهو المجيء)): ليست في (ق).
[2] ((غير)): ليست في (د).
[3] في (ق): ((كقولك)).
[4] في (ج): ((أشياء في القرآن)).
[5] ((هند)): ليست في (ق).
[6] في (ج) و(د) و(م): ((ولا)).
[7] من قوله: ((ابن الأزرق... إلى... قوله: وأقبل)) في (ق) جاءت بعد قوله المتقدم: (({ائتيا طوعا أو كرها} أعطيا)).
[8] ((قال)): ليست في (ج).
[9] في (ق): ((تفسير)).
[10] من قوله: ((حكى الزركشي... إلى... قوله: أسعدناه)): ليس في (ق).
[11] في (ق): ((لا أدري ما بعد)).
[12] في (ق): ((إذا سلك في الطريق يقتضي إلى سعادته)).
[13] ((ثم)): ليست في (ق).
[14] في (ج) و(د) و(ق): ((إلى)).
[15] في (د): ((أصعدت)).
[16] في (ج) و(د) و(ق): ((ببعيد)).