مصابيح الجامع

كهيعص

          ░░░19▒▒▒ (سورة {كهيعص}).
          (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ} اللَّهُ يَقُولُهُ، وَهُمُ الْيَوْمَ لَا يَسْمَعُونَ وَلَا يُبْصِرُونَ): قال الزركشي: يريد أنه أَمْرٌ بمعنى الخبر، كما قال الله تعالى: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (1) } [البقرة:18].
          قلت: أظنُّه لم يفهم كلام ابن عبَّاس، ولذلك ساقه على هذا الوجه، وكونه أمرًا بمعنى الخبر لا يقتضي انتفاءَ سماعهم وإبصارهم، بل يقتضِي ثبوتَه، ثم ليس هو أمرًا بمعنى الخبر، بل هو لإنشاء التعجب؛ أي: ما أسمعَهُم وما أبصرَهُم! والأمر المفهوم منه بحسب الظاهر غيرُ مراد، بل انمَحَى معنى الأمرِ فيه، وصار (2) متمحضًا لإنشاء التعجب، ومراد ابن عباس: أن المعنى: ما أسمَعَ الكفارَ وأبصرَهُم في الدار الآخرة، وإن كانوا في دار الدنيا لا يسمعون ولا يبصرون، ولذلك قال: الكفارُ يومئذٍ أسمعُ شيءٍ وأبصرُ.
          ({رِكْزًا}: صَوْتًا) المشهورُ أنه الصوتُ الخفيُّ، لا مُطلق الصوت (3) الذي لا يُفهم.
          ({وَ (4) بُكِيًّا}: جَمَاعَةُ: بَاكٍ) ووزنه فُعول، وأصلُه (5) بُكُوي، فاجتمعت الواو والياء، وسُبقت إحداهما بالسكون، فقُلبت الواو ياء، وأدغمت في الياء، فصار بُكُيًّا هكذا، ثم كُسرت الكاف لمجانسة الياء بعدها، وهذا مثل جالِس وجُلوس، لكنه في المعتل اللام غيرُ مقيس، وقياسه بُكاةٌ مثل قُضاة، وغُزاة، ورُماة، وقيل: ليس بجمعٍ (6)، وإنما هو مصدرٌ على فُعول؛ كجَلَسَ جُلوسًا.
          ({نَدِيًّا} وَالنَّادِي واحدٌ: مَجْلِسًا) ويطلق النادي أيضًا (7) على أهل المجلس.


[1] في (ج) و(د) و(م) و(ق): ((يبصرون)).
[2] في (د): ((فصار)).
[3] ((الخفي لا مطلق الصوت)): ليست في (ق).
[4] ((الواو)): ليست في (ج) و(د) و(م).
[5] في (ق) زيادة: ((لو أصل)).
[6] في (د): ((بمجمع)).
[7] ((أيضاً)): ليست في (ج).