انتقاض الاعتراض

باب استعمال فضل وضوء الناس

          ░40▒ (باب استعمال فضل / وضوء النَّاس)
          وأمر جرير بن عبد الله أهله أن يتوضَّأ(1) بفضل سواكه.
          قال (ح): أراد البخاري أنَّ هذا الصَّنيع لا يغيِّر الماء، فلا يمتنع التَّطهير به.
          قال (ع): مَن له أدنى ذوق مِن الكلام يقول هذا؟، وأبعد قول ابن(2) المُنيِّر.
          فذكر قوله في ختام الكلام على أحاديث(3) هذه الأحاديث، أراد البخاري الاستدلال بطهارة الماء المستعمل وهو منقول عن أبي يوسف.
          وحكى الشَّافعي في «الأم»(4) عن محمَّد بن الحسن: أنَّ أبا يوسف رَجع عنه، ثمَّ رجع عنه بعد شهرين، وعن أبي حنيفة ثلاث روايات: أحدها: طاهرٌ غير طهور، وهو اختيار محمَّد.
          ثانيها: نجس نجاسةً(5) خفيفةً، وهو قول أبي يوسف.
          ثالثها: نجاسةً(6) غليظةً، رواها الحسن بن زياد.
          وهذه الأحاديث تردُّ على مَن قال بنجاسته؛ لأنَّ النَّجاسة(7) لا يُتبرَّك بها(8).
          قال (ع): قصَّة هذا الكلام التَّشنيع على أبي حنيفة بهذا(9) الرَّدِّ البعيد، إذ(10) ليس في الأحاديث ما يدلُّ صريحًا على أنَّ المراد شيء يسيل(11) مِن فضل(12) وضوءه هو الماء الَّذي يتقاطر مِن أعضائه الشَّريفة، ولئنْ سلَّمنا فأبو حنيفة لا ينكر هذا، ولا نقول بنجاسة ذلك، وكيف نقول(13) ذلك وهو القائل بطهارة بوله وسائر فضلاته، ومع هذا فقد قلنا: لم يصحَّ عن أبي حنيفة تنجس(14) الماء المستعمل، ولا فتوى الحنفيَّة عليه.
          قلت: الرجوع إلى الحقِّ خيرٌ مِن التمادي في الباطل، / والبخاري لم يعيِّن مَن قال بذلك فردُّه متوجهٌ على مَن قال به كائنًا مَن كان.


[1] في(س): «يتوضؤوا».
[2] قوله: «ابن» ليس في (د) و(ظ).
[3] قوله: ((أحاديث)) زيادة من (س).
[4] في(س): «الماء».
[5] في(س): «نجاسته نجس».
[6] في(س): «نجاسته».
[7] في(س): «النجس».
[8] في(س): «به».
[9] في(س): «وهذا».
[10] في(س): «وإذا».
[11] قوله: ((يسيل)) زيادة من (س).
[12] قوله: «من فضل» ليس في (س).
[13] في(س): «يقول».
[14] في(س): «تنجيس».