انتقاض الاعتراض

باب لا يستنجي بروث

          ░21▒ قوله: (باب لا يستنجي بروث)
          في قول أبي إسحاق: ليس أبو عبيدة ذكره، ولكن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه.(1)
          قال (ح): إنَّما عدل أبو إسحاق عن الرِّواية عن أبي عبيدة إلى الرِّواية عن أبي عبد الرَّحمن مع أنَّ رواية أبي(2) أعلى؛ لكون أبي عبيدة لم يسمع مِن أبيه على الصَّحيح.
          قال (ع): قوله: لم يسمع مِن أبيه، مردودٌ؛ فقد وقع في «الطَّبراني الأوسط» مِن طريق يونس بن / حباب(3) عن أبي عبيدة أنَّه سمع أباه فذكر حديثًا، وصحَّح الحاكم حديثًا مِن رواية عن(4) أبي عبيدة عن أبيه، وحسَّن التِّرمذي أحاديث، ومِن شرط الحديث الحسن أن يكون متَّصلًا عند المحدِّثين.
          قلت: لم ينفِ (ح) الخلاف في سماع أبي عبيدة عن أبيه، لكن أثبت أنَّ الرَّاجح عن المحدِّثين النفي، وقد صرَّح التِّرمذي بذلك في هذا الحديث.
          وقوله: ومِن شرط الحسن... إلى آخره، كلام مَن لم يستحضر اصْطلاح أهل الحديث في الحديث الصَّحيح والحديث الحسن.
          قوله: فأخذ الحجرين وألقى الروثة وقال: «هَذَا رِكْسٌ».
          قال (ح): استدلَّ به الطَّحَّاوي على عدم اشتراط الثَّلاثة، فقال: لو كان شرطًا لطلب ثالثًا، كذا قال، وغفل عما أخرجه أحمد مِن طريق مَعْمَر عن أبي إسحاق عن علقمة عن ابن مسعود في هذا الحديث فإنَّ فيه: لقي(5) الرَّوثة وقال: «إنَّها رِكْسٌ ائْتني بِحَجَرٍ واحد» ورجاله ثقاتٌ، وقد تابع مَعْمَرًا عليه أبو شيبة الواسطي.
          أخرجه الدَّارقطني وتابعه عمَّار بن زُريق(6) أحد الثقات عن أبي إسحاق.
          قال (ع): لم يغفل الطَّحَّاوي، والَّذي نسبه إلى الغَفلة هو الغافل، وكيف يغفل وقد ثبت(7) عدم سماع أبي(8) إسحاق مِن علقمة، فالحديث عنده منقطع، والمحدِّث لا يرى العمل به، والذي يدَّعي(9) صنعة الحديث كيف يرضى بهذا الكلام؟!.
          ثمَّ قال (ح): وفي استدلال الطَّحَّاوي نظر، أولًا: لاحتمال أن يكون اكتفى بالأمر الأوَّل في طلب الثلاثة، فلم يجدِّد الأمر بطرف أحدهما عَن الثالث؛ لأنَّ المقصود ثلاث مسحات، والدَّليل على صحَّته: أنَّه لو مسح بطرفٍ واحدٍ ثمَّ رماه، ثمَّ جاء شخص آخر / فمسح بطرفه الآخر أجزأهما بلا خلاف.
          قال (ع): نظره مردودٌ عليه؛ لأنَّ الطَّحَّاوي استدلَّ بصريح النَّصِّ، فكيف يدفع بالاحتمال؟!. وقوله: لأنَّ المقصود بالثَّلاث أن يمسح ثلاث مسحات ينافيه اشتراطهم العدد(10) في الأحجار؛ لقوله صلعم: «وَلاَ يسْتَنْجِ أَحَدُكُمْ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلاَثَةِ أَحْجَارٍ» فقوله مخالفٌ لصريح الحديث، فكيف يستدل على خصمه بحديثٍ وهو يردُّ ظاهر حديثه الذي يحتجُّ به؟!.


[1] قوله: ((في قول أبي إسحاق: ليس أبو عبيدة ذكره، ولكن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه)) زيادة من (ظ).
[2] في (د) و(س) و(ظ) فراغ، ولعلَّ الكلمة هي: «عبيدة» كذا في فتح الباري.
[3] كذا في (د) و(س)، ولعلها: «خَبَّاب».
[4] قوله: ((عن)) زيادة من (س).
[5] في (د) و(س) و(ظ): «فألقى».
[6] في(س): «رزيق».
[7] زاد في(س): «عنده».
[8] قوله: «أبي» ليس في (د) و(س).
[9] في(س): «يدعيه».
[10] في(س): «العدم».