انتقاض الاعتراض

باب قراءة القرآن بعد الحدث وغيره

          ░36▒ قوله(1) : (باب قراءة القرآن بعد الحَدث وغيره)
          قال (ح): أي الحدث الأصغر مِن مظانِّ الحَدث.
          قال (ع): الحَدث الأعمُّ مِن الأصغر والأكبر، وكأنَّ هذا الشَّارح إنَّما خصَّ بالأصْغر نظرًا إلى أنَّ البخاري تعرض هنا إلى حكم القِراءة بعد الأصغر دون الأكبر، ولكن جرت عادته أنَّه يبوِّب الباب بترجمة(2) ثمَّ يذكر فيه جزءًا ممَّا تشتمل عليه تلك الترجمة، وههنا كذلك.
          وأمَّا قوله: إنَّ المراد بقوله: وغيره أنَّ غير الحديث(3) مِن مظانِّ الحَدث فليس بشيء؛ لأنَّ عود الضَّمير إلى شيءٍ ليس بمذكور لفظًا ولا تقديرًا بدلالة القرينة اللَّفظية أو الحالية لا يصحُّ، ولم يبيِّن ما مظانُّ الحدث، وهي نوعان: أحدهما مثل الحدث، والآخر ليس مثله، فإن كان مراده الأوَّل فهو داخلٌ في قوله: بعد الحدث، وإن كان الثاني / فهو خارج عن الباب، فإذًا لا وجه لما(4) قال.
          وقد قال(5) الكِرْمَاني في قوله: وغيره، أي: القرآن وهو الوجه، لكنَّ قوله: كالسلام وسائر الأذكار لا وجه له في التسليم و(6) التمثيل، ولو قال: مثل كتابة القرآن، لكان أوجه.
          وقوله: وقال منصور عن إبراهيم(7) : لا بأس بالقرآن(8) في الحمَّام.
          قال (ح) بعد أن ذكر ما(9) نقله أبو عوانة عن منصور مثله، وما نقله الثَّوري عن منصور بلفظ: و(10) لم يسن(11) القراءة، نقل (ع) عن (ح) أنَّه قال: هذا يخالف رواية أبي عوانة.
          قال (ح): لا مخالفة؛ لأنَّه يكون عن إبراهيم روايتان.
          قلت: قد ذكر (ح) هنا ما نصُّه: وهنا(12) لا يخالف رواية أبي عوانة، فإنَّها تتعلَّق(13) بمطلق الجواز فحرَّمه(14) واعترض عليه.
          قوله: ويكتب الرسالة على غير وضوء.
          قال (ح): هذا الأثَر وصله عبد الرَّزاق عن الثَّوري عن منصور: سألتُ إبراهيم، أكتبُ الرسالة على غير وضوء؟ قال: نعم، وتبيَّن بهذا أنَّ قوله: على غير وضوء يتعلَّق بالكتابة، لا بالقراءة في الحمام.
          قال (ع): لا نسلُّم؛ بل يتعلَّق بالمعطوف والمعطوف عليه؛ لأنَّهما كشيءٍ واحدٍ.
          باب قراءة القرآن بعد الحدث
          قال (ح): قال(15) ابن بطَّال: فيه حجَّة على مَن كَرِهَ قراءة القرآن على غير وضوء.أي حديث ابن عباس في قراءة النَّبيِّ صلعم الآيات مِن آخر سورة آل عِمران بعد أن استيقظ ثمَّ توضَّأ وصلَّى صلاة اللَّيل.
          وتعقَّبه الكِرْمَاني قال: فإنْ(16) قلت: رسول الله صلعم / لا ينام قلبه فلا ينتقض وضوءه به(17).
          وسبقه ابن المُنيِّر وزاد: وأمَّا وضوءه فلعلَّه جدَّده، أو كان أحدث بعد ذلك فتوضَّأ، وهذا الثاني جيد؛ لأنَّه لما أعقب النَّوم بالوضوء كان ظاهرًا في أنَّه أحدث، ولا يلزم مِن كون نومه لا ينقض وضوءه أنَّه لا يقع منه حدثٌ وهو نائم، وخصوصيته أنَّه يشعر به بخلاف غيره، وأمَّا التجديد فالأصل عدمه.
          قال (ع): منع الملازمة غير مسلَّم؛ بل يلزم مِن كون نومه لا ينقض وضوءه أن لا يقع منه حدث في حال النوم؛ لأنَّ هذا مِن خصائصه، ويلزم مِن منع الملازمة أن لا يفرَّق بين نومه صلعم ونوم غيره.
          وقوله: أنَّ الأصل عدم التَّجديد؛ بل هو عند عدم(18) قيام الدليل على التَّجديد، وها(19) هنا قام الدَّليل وهو قوله: «تَنَامُ عَيْنِي(20) وَلاَ يَنَامُ قَلْبِي» انتهى.
          ومَن أنصف عرف ما في كلامه مِن الدَّفع بالصَّدر، والله المستعان.


[1] قوله: ((قوله)) زيادة من (س) و(ظ).
[2] في (س) و(ظ): «بترجمته».
[3] في (س) : «الحدث».
[4] في (س) : «بما».
[5] في (س) : «ذكر».
[6] قوله: ((التسليم و)) زيادة من (س).
[7] قوله: «عن إبراهيم» ليس في (د) و(س) و(ظ).
[8] في (س) : «بالقراءة».
[9] قوله: «ما» ليس في (س).
[10] قوله: ((و)) زيادة من (س).
[11] في (س) : «يبيت».
[12] في (س): ((وهذا))
[13] في (س) : «متعلق».
[14] في (س) : «فجزمه»، وفي (ظ): «فحرفه».
[15] قوله: «قال» ليس في(س) و(ظ).
[16] قوله: «فإن» ليس في(س).
[17] قوله: ((به)) زيادة من (س).
[18] قوله: «عدم» ليس في (س) و(ظ).
[19] قوله: «ها» ليس في(س).
[20] في(س) و(ظ): «عيناي».