التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

حديث أبي هريرة: أصدق ذو اليدين؟

          7250- قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِي مَالِكٌ) هو إسماعيل بن عبد الله بن أبي أُويس الأَصْبَحي ابن أخت مالك.
          قوله: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم انْصَرَفَ مِنَ اثْنَتَيْنِ) أي: ركعتين مِن الظُّهر أو العصر.
          قوله: (فَقَالَ لَهُ ذُو اليَدَيْنِ) تقدَّم أنَّ اسمه الخِرْباق _بكسر الخاء المعجمة وإسكان الرَّاء وبموحَّدة_ ولقِّب بذي اليدين لطولٍ كان في يده، وقيل: لأنَّه كان يعمل / بيده اليسرى كعمله باليمنى، وتقدَّم الخلاف في أنَّه ذو الشِّمالين أو غيره.
          قوله: (أَقَصُرَتِ الصَّلاَةُ؟) بالمجهول والمعروف.
          قوله: (فَقَالَ: أَصَدَقَ ذُو اليَدَيْنِ؟ فَقَالَ النَّاسُ: نَعَمْ، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلعم فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ (1) ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ كَبَّرَ ثُمَّ سَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ ثُمَّ كَبَّرَ فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ ثُمَّ رَفَعَ) إنْ قيل: الكلامُ يبطل الصَّلاة فيجب الاسْتئناف فكيف بنى النَّبيُّ صلعم على مَا كان صلاةً ولم يُعِدِ الصَّلاة؟ قلت: لأنَّ كلامه صلعم كان على ظنِّ أنَّه أكمل الصَّلاة وأنَّه خارج عنها، وسبيله سبيل النَّاسي لا فرق بينهما، وكذلك كلام غيره فإنَّ الزَّمان كان زمان نسخ فجرى منهم الكلام على توهُّم أنَّهم خارج الصَّلاة لإمكان وقوع النَّسخ ومجيء القصر، وهذا الجواب واضحٌ في حقِّ الشَّارع صلعم وفي حقِّ الخِرباق، وأمَّا الَّذين سألهم النَّبيُّ صلعم : (أَحَقٌّ مَا يَقُولُ ذُو اليَدَيْنِ؟) أو (أَصَدَقَ ذُو اليَدَيْنِ؟) فقالوا: (نَعَم) فالأحسن في الجواب عنهم أنَّ كلامهم كان جوابًا للنَّبيِّ صلعم ، وهو واجب ولا تبطل به الصَّلاة على المرجَّح في مذهبنا لقوله صلعم لأبي سعيد بن المُعلَّى رافع بن أوس بن المُعلَّى حين اعتذر عن ترك إجابته حين ناداه بأنَّه كان يصلِّي: ((أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ اللهِ تَعَالَى: {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}[الأنفال:24])) فإنْ قلت هنا: إنَّه سجد بعد ما سلَّم، قلت: جواب الشَّافعي عنه أنَّه معارض بما تقدَّم في باب سجود السَّهو أنَّه سجد قبل التَّسليم، ولا نِزاع في جواز الأمرين وإنَّما النِّزاع في الأفضل وربَّما ترك الشَّارع الأفضل بيانًا للجواز، وهو بالنسبة إليه أفضل، فإنْ قلت: لمَّا سأل النَّاس فقالوا: (نَعَم) خرج عن كونه خبر واحدٍ؛ لأنَّ النَّاس وافقوه وصدَّقوه؟ قلت: لم يخرج به عن الآحاد نعم صار مِن الأخبار المفيدة لليقين بسبب أنَّه صار محفوفًا بالقرائن.


[1] في الأصل:((أخرتين)).