التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

باب ترجمة الحكام وهل يجوز ترجمان واحد؟

          ░40▒ (بَابُ تَرْجَمَةِ الحُكَّامِ، وَهَلْ يَجُوزُ تَرْجُمَانٌ وَاحِدٌ).
          7195- قوله: (وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: أَمَرَنِي النَّبِيُّ صلعم أَنْ أَتَعَلَّمَ كِتَابَ اليَهُودِ) أي: كتابتهم يعني خطَّهم (حَتَّى كَتَبْتُ لِلنَّبِيِّ صلعم كُتُبَهُ وَأَقْرَأْتُهُم كُتُبَهُمْ إِذَا كَتَبُوا إِلَيْهِ).
          قوله: (وَقَالَ عُمَرُ وَعِنْدَهُ عَلِيٌّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَعُثْمَانُ: مَاذَا تَقُولُ فِي هَذا؟) إشارة إلى امرأة كانت حاضرة عندهم (فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَاطِبٍ) _بحاء وطاء مهملتين_ ابن أبي بلتعة، أي: ترجم عنها لعمر بإخبارها عن فعل صاحبها بها، وهي كانت نوبيَّة _بنون وواو وموحَّدة وياء النِّسبة_ أعجميَّة مِن جملة عتقاء حاطب، وقد زَنت وحملتْ فأقرَّتْ أنَّ ذلك مِن عبد اسمه مرغوس _براء وغين معجمة وواو_ بدرهمين.
          قوله: (وَقَالَ أَبُو جَمْرَةَ) _بجيم وراء_ هو نصر بن عِمران الضُّبَعي بضمِّ الضَّاد المعجمة وفتح الموحَّدة.
          قوله: (وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: لاَ بُدَّ لِلْحَاكِمِ مِنْ مُتَرْجِمِينِ) قال ابن قُرقُول _بضمِّ القافين_ في كتابه «المطالع»: أي: لا بدَّ له ممَّن يترجم له عمَّن يتكلَّم بغير لسانه وذلك يتكرَّر فيتكرَّر المترجمون، قال: وعند بعضهم: مُترجمَيْن بالتَّثنية، واختلفوا هل هو مِن باب الخبر فيقتصر على واحد أو مِن باب الشَّهادة فَلا بدَّ مِن اثنين. قال مُغْلَطَاي: كأنَّه يريد ببعض النَّاس الشَّافعي، وهو ردٌّ لقول مِن قال: إنَّ البخاري إذا قال: قال بعض النَّاس أراد به أبا حنيفة. قال الكِرْمَاني: غرضهم بذلك أنَّ غالب الأمر كذلك أو في موضع تشنيع عليه وقبح الحال، أو أراد به ههنا أيضًا بعض الحنفيَّة لأنَّ محمَّد بن الحسن قال: إنَّه لا بدَّ مِن اثنين، غاية مَا في الباب أنَّ الشَّافعي أيضًا قائل به لكن لم يكن مقصودًا بالذَّات، ثمَّ نقول: الحقُّ أنَّ البخاري ما حرَّر هذه المسألة إذْ لا نزاع لأحدٍ أنَّه يكفي ترجمان واحد عند الإخبار، ولا بدَّ مِن اثنين عند الشَّهادة ففي الحقيقة النِّزاع في أنَّها إخبار أو شهادة، / حتَّى لو سلَّم الشَّافعي أنَّها إخبار لم يقلْ بالتَّعدُّد، ولو سلَّم الحنفيُّ أنَّها شهادة لقال به، والصُّور المذكورات في الباب كلُّها إخبارات أمَّا المكتوبات فظاهر، وأمَّا قصَّة المرأة وقول أبي جمرة فأظهر فلا يحلُّ أن يُقالَ على سبيل الاعتراض: قال بعض النَّاس كذا، بل السُّؤال يردُّ عليه أنَّه نصب الأدلة في غير ما ترجم عليه وهو ترجمة الحاكم إذ لا حُكم فيها.