التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

حديث: يتقارب الزمان وينقص العمل ويلقى الشح

          7061- قوله: (حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ) هو الرَّقَّام البصري.
          قوله: (يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ) قال الخطابيُّ: حتَّى تكون السَّنة كالشَّهر، والشَّهر كالجمعة، والجمعة كاليوم، واليوم كالسَّاعة، وذلك مِن استلذاذ العيش كأنَّه _والله أعلم_ يريد خروج المهديِّ وبسط العدل والأمن في الأرض، وكذلك أيَّام السُّرور قِصار، قال الكِرْمَاني: هَذا لا يناسب أخواته مِن ظهور الفتن وكثرة الهرج، وقال غيره: يتقارب الزَّمان يريد اقتراب الغَنيمة، ويحتمل أنَّه أراد بذلك تقارب أهل الزِّمان بعضهم مِن بعض مِن الشَّرِّ، أو يتقارب الزَّمان نفسه في الشَّرِّ حتَّى يشبه أوَّلُه آخره، وقيل: تقصر أعمار أهله، وقيل: يحتمل أنَّ المراد تسارع الدُّول إلى الانْقضاء والقرون إلى الانقراض فيتقارب زمانهم وتتدانى أيامهم.
          قوله: (وَيَنْقُصُ الْعَمَلُ) هكذا الرِّواية ههنا العمل _بتقديم الميم على اللَّام_ والمراد العمل الصَّالح مِن أنواع البرِّ والطَّاعة.
          قوله: (وَيُلْقَى الشُّحُّ) أي: البُخل والحرص، والمراد غلبته وكثرته بحيث يراه جميع النَّاس، وإلَّا فهو ثابت في جميع الأزْمنة، و(يُلْقَى) _بإسْكان اللَّام وتخفيف القاف_ أي: يُوضع في القلوب، وقال الحميديُّ: لم يضبط الرُّواة هذا الحرف، ويحتمل أن يكون بتشديد القاف يعني يُتلقَّى ويُتعلَّم ويُتواصى به ويُدعى إليه، مِن قوله تعالى: {وَلَا (1) يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ}[القصص:80] أي: ما يعلمها وينبِّه عليها، قال: ولو قيل: يُلقى _مخفَّف القاف_ لكانَ أبعد لأنَّه لو ألقى لنزل ولم يكن موجودًا وكان مدحًا. والحديث مبنيٌّ على الذَّم ولو قيل: يلفى _بالفاء_ لمعنى يوجد لم يستقم، لأنَّ الشُّحَّ ما زال موجودًا.
          قوله: (وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ أَيُّمَ هَذا هُوَ) _بهمزة مفتوحة / وياء مضمومة مشدَّدة (2) وميم مفتوحة_ يريد مَا هو؟ وأصل أَيُّمَ: أيُّ ما، أي: أيُّ شيء هو الهرج وهو مخفَّف الياء وحَذْفُ ألف (ما) كما قيل أنسب في موضع أيِّ شيء؛ قاله في «النِّهاية».
          وفي بعض النُّسخ: وقال الطَّحاوي: معنى يتقارب الزَّمان تقارب أحوال النَّاس في طلب العلم وتركه والرِّضا بالجهل، وذلك لأنَّ النَّاس لا يتساوون في العلم: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ}[يوسف:76] وإنَّما يتساوون إذا كانوا جهَّالًا.


[1] وردت في المخطوط:((وما)).
[2] في الأصل:((تشدد)).