التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

باب: من أصاب ذنبًا دون الحد

          ░26▒ (بَابٌ: مَنْ أَصَابَ ذَنْبًا دُونَ الحَدِّ)
          أي: نحو القُبلة والغمزة (فَأَخْبَرَهُ الإِمَامَ، فَلاَ عُقُوبَةَ عَلَيْهِ بَعْدَ التَّوْبَةِ، إِذَا جَاءَ)
          وغرضه أنَّ الصغيرة تسقط بالتَّوبة وبالتَّعزير، وليس للإمام الاعْتراض عليه بخلاف الكَبيرة، وقال ابن المُنذر: قال الشافعيُّ: إذا مات قبل الحدِّ سقط عنه.
          قوله: (إِذَا جَاءَ مُسْتَقْبِلًا) في بعضها <مُسْتَعتِبًا> مِن الاستعتاب وهو طلب الرِّضا وطلب إزالة العَتب.
          قوله: (وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ) أي: أبو الوليد عبد الملك بن عبد العزيز بن جُريجٍ _بضمِّ الجيم الأولى وفتح الراء_ (لَمْ يُعَاقِبِ النَّبِيُّ صلعم الَّذِي جَامَعَ فِي رَمَضَانَ).
          قوله: (وَلَمْ يُعَاقِبْ عُمَرُ، صَاحِبَ الظَّبْيِ) وَذلك أنَّ قَبيصَة بن جابرٍ الأسديَّ كان مُحرمًا واصطاد ظبيًا فأمر عمر بالجزاء، ولم يعاقبه عليه. رواه البيهقيُّ وذكره الثعالبيُّ وابن عطيَّة، وذكر مالكٌ قصَّة قَبيصَة بن جابرٍ وأنَّه خرج حاجًّا، قال: فكنَّا إذا صلَّينا الغداة اقتدنا رواحلنا (1) نتحدَّث ونتماشى فسنح لنا ذات غداةٍ ظبيٌ فرميته (2) بحجرٍ فمات فلمَّا قدمنا مكَّة سألْنا عمر بن الخطَّاب، وكان حاجًّا وكان إلى جنبه جالسًا عبد الرَّحمن فسأله عن ذلك فقال: أنا أرى فيه شاة، قال فاذْهب فأهدِ شاةً فخرجت فقلت لصاحبي: إنَّ أمير المؤمنين لم يدرِ ما يقول حتَّى سأل غيره، قال: فلم يفجأنا إلَّا عمر ومعه الدِّرَّة فعلاني بها / وقال: تقتل في الحرم وتسفِّه الحُكم          قال الله تعالى: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ}[المائدة:95] وأنا عمر وَهذا عبد الرحمن بن عوفٍ.
          وأخرج قصَّته عن محمَّد بن سيرين، وفيها أنَّهما لمَّا حكما عليه بعنزٍ ولَّى الرَّجل وهو يقول: هذا أمير المؤمنين لا يستطيع أن يحكم في ظبيٍ حتَّى دعا رجلًا يحكم معه، فسمع عمر قول الرَّجل فدعاه فسأله، هل تقرأ سورة المائدة؟ قال: لا، قال: فهل تعرف هذا الرَّجل الذي حكم معي؟ قال: لا، فقال عمر: لو أخبرتني أنَّك تقرأ سورة المائدة لأوجعتك ضَربًا، ثمَّ قال: إنَّ الله تعالى يقول في كتابه: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ}[المائدة:95]، هذا عبد الرَّحمن بن عوفٍ.
          قوله: (وَفِيهِ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ) أي: النَّهديُّ عبد الرَّحمن، (عَن ابْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلعم) مثله، يشير بِذلك إلى مَا في باب الصَّلاة كفَّارة مِن كتاب الصَّلاة وهو قوله: حدَّثنا قُتيبة، حدَّثنا يزيد بن زُريعٍ، عن سليمان التيميِّ، عن أبي عثمان النَّهديِّ، عن ابن مسعودٍ: ((أنَّ رجلًا أصاب مِن امرأةٍ قبلةً فأتى النَّبيَّ صلعم ، فأخبره فأنزل الله تعالى: {وَأَقِمِ (3) الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ} الآية [هود:114] ، فقال الرَّجل: يا رسول الله هذا لي؟ قال: لجميع أمَّتي كلِّهم)).


[1] في الأصل:((رواحلها)).
[2] في الأصل:((فرمته)).
[3] في الأصل:((أقم)).