التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

حديث: قدم على النبي نفر من عكل فأسلموا فاجتووا المدينة

          6802- قوله: (حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ) هو الإمام أبو عمرٍو عبد الرحمن.
          قوله: (حَدَّثَنِي أَبُو قِلاَبَةَ) بكسر القاف وفتح الموحَّدة، أي: عبد الله بن زيدٍ، (الجَرْمِيُّ) بالجيم مِن جَرْمِ قُضَاعَة، طُلب للقضاء بالبصرة فهرب إلى الشَّام فمات بها.
          قوله: (عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صلعم نَفَرٌ مِنْ عُكْلٍ) بضمِّ العين المهملة وإسكان الكاف وباللَّام قبله.
          قوله: (فَاجْتَوَوْا المَدِينَةَ) مِن الاجتواء بالجيم والواو أي: كرهوا الإقامة بها لسقمٍ أصابهم.
          قوله: (فَيَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا) استدلَّ به المالكيَّة على طهارة بول ما يُؤكل لحمه وروثه، وأُجيب بأنَّ شربهم كان للتَّداوي.
          قوله: (فَبَعَثَ فِي آثَارِهِمْ، فَأُتِيَ بِهِمْ فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ) أي: فقأها فأذهب ما فيها، هكذا الرواية هنا، (فسَمَلَ) باللِّام أي: فقأها بحديدةٍ محمَّاةٍ أو غيرها، وقيل: هو فقؤها بالشَّوك وهو بمعنى السَّمر.
          قوله: (وَلَمْ يَحْسِمْهُمْ) بحاءٍ وسينٍ مهملتين أي: لم يكوهم، والحسم في اللُّغة كيُّ الِعرق بالنَّار لينقطع الدَّم أي أو بزيت مغلي أو سليط (1) يُقال: حَسَمَ العِرْقَ إذا كواه، وإنَّما لم يحسمهم صلعم لأنَّهم كانوا كفَّارًا بارتدادهم، ثمَّ قيل: كان مَا فعله رسول الله صلعم بالعرنيين (2) قبل نزول الآية في المحاربين ثمَّ نزلت الحدود بعد ذلك، ونهى ◙ عن المُثلة، فنسخ (3) حديث العرنيين، وهذا مرويٌّ عن ابن سيرين وابن جبيرٍ وأبي الزِّناد.
          وقال آخرون: غير منسوخٍ، وفيهم نزلت آية المحاربين، وإنَّما فعل ◙ بهم ما فعل قِصاصًا لأنَّهم فعلوا بيسارٍ الرَّاعي مثل ذلك. ذكره أهل السير، وكذا روى موسى بن عقبة عن ابن شهابٍ أنَّ العرنيين قتلوا يسارًا (4) رَاعي النبيِّ صلعم ثمَّ مثَّلوا به، وروى ابن إسحاق أنَّهم غرزوا في عينه، روى الترمذيُّ مِن حديث أنسٍ قال: إنَّما سَمل رسول الله صلعم / أعين العُرنيين لأنَّهم سَملوا أعين الرُّعاء ثمَّ قال: حديثٌ غريبٌ، وفي رواية لأبي الشيخ في كتاب «القطع والسرقة»: ((عن أنسٍ: سَمل رسول الله صلعم منهم اثنين، وقطع اثنين وصلب اثنين))، وفي روايةٍ: ((أحرقهم بالنَّار بعدَما قتلهم، وما مثَّل قبل ولا بعد، ونهى عن المُثلة)).
          وقال ابن بطَّالٍ: إنَّ حديث العُرنيين صَحِبه عمل الصَّحابة فدلَّ على أنَّه غير منسوخٍ، فعن الصِّدِّيق أنَّه حرَّق عبد الله بن إياسٍ بالنَّار حيًّا لارتداده ومقاتلته أهل الإسلام، وحرَّق عليٌّ الزنادقة. قال المهلَّب: وهذا يدلُّ على أنَّ نهيه عن المُثلة على الندب لا على التحريم، فوجب أن يكون فعله بالعرنيين غير مخالفٍ للآية.


[1] كذا في الأصل.
[2] صورتها في الأصل:((بالعرنان)).
[3] في الأصل:((فينسخ)).
[4] صورتها في الأصل:((نساناً)).