التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

حديث: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد

          2697- قوله صلعم : (مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ، فَهُوَ رَدٌّ) المراد بالأمر هنا: الدين، وإن كان الأمر حقيقة في القول الطالب للفعل مجازًا في الفعل والشأن والطريق، وإطلاقه هنا على الدين من حيث إنَّه طريقة أو شأنه الذي يتعلَّق به وهو مهتمٌّ بشأنه بحيث لا يخلو عنه شيء من أقواله وأفعاله، يعني: من / أحدث في الإسلام رأيًا لم يكن له في الكتاب والسنَّة سندٌ ظاهر أو خفيٌّ ملفوظ أو مستنبط فهو مردود، قال الطيبي: وفي وصف الأمر بهذا إشارة إلى أنَّ أمر الإسلام كمل واشتهر وشاع وظهر ظهور المحسوس بحيث لا يخفى على كلِّ ذي بصر وبصيرة لقوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}[المائدة:3]، فمن رام الزيادة عليه حاول أمرًا غير مرضي؛ لأنَّه من قصور فهمه رآه ناقصًا، فعلى هذا يناسب أن يُقال: قوله (فهو) راجع إلى (مَنْ) أي: من ابتغى الزيادة على الكمال فهو ناقص مطرود.
          قوله: (حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بن محمد) قال أبو علي الغساني قال أبو نصر هو يعقوب بن حميد بن كاسب أبو يوسف المدني سكن مكَّة، سُئِلَ البخاري عنه ما قولك فيه؟ قال: لم أر إلا خيرًا، هو في الأصل صدوق، مات آخر سنة أربعين وأوَّل سنة إحدى وأربعين ومائتين، وقد ذكره البخاري أيضًا في المغازي في باب فضل من شهد بدرًا من الملائكة.
          وقال أبو عبدالله الحاكم عن مشايخه: إنَّه يعقوب بن حميد بن كاسب، قال: وكنت أقول: لعله يعقوب بن محمَّد الزهري فلم أجد لأبي عبدالله البخاري رواية أستدلُّ بها على ذلك، ونسبه أبو علي ابن السكن في الموضعين فقال: يعقوب بن محمد، ونسب الأصيلي عن مشايخه: الذي في كتاب المغازي يعقوب بن إبراهيم، وتابعه على ذلك أبو مسعود الدمشقي، فالله أعلم أَلَقيَ البخاري يعقوب بن إبراهيم أم لا، أو هو يعقوب بن حميد بن كاسب، واتفقت النسخ عن الفربري في الذي في هذا الباب _ أعني: كتاب الصلح _ أنَّ البخاري قال فيه: حدَّثنا يعقوب غير منسوب إلا ما ذكرناه عن ابن السكن، فإنَّه قال: يعقوب بن محمَّد عن إبراهيم بن سعد، وقال البخاري في «تاريخه»: يعقوب ابن محمَّد بن عيسى بن عبد الملك بن حميد بن عبدالرَّحمن بن عوف أبو يوسف الزهري، سمع إبراهيم بن سعد والمخرمي انتهى.
          وقال الذهبي في «الكاشف»: إنَّه يعقوب بن حميد، ولا يجوز أن يكون يعقوب بن محمَّد ولا الدورقي وإن ضعَّفه أبو حاتم وغيره؛ لأنَّ البخاري سُئِلَ عنه، / فقال: لم نر إلا خيرًا، هو في الأصل صدوق.
          قوله: (رَوَاهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ المَخْرَمِيُّ) بفتح الميم والراء وإسكان الخاء المعجمة بينهما، من ولد المسور بن مخرمة، ويقال له أيضًا: المسوري، قال الغساني: ذكره البخاري في المتابعة في كتاب الصلح.
          قلت: وقال الغسَّاني أيضًا روى مسلم عن أبي عامر العقدي عنه عن إسماعيل بن محمَّد بن سعد بن أبي وقاص في ذكر التسليمتين وفي قطع شجر المدينة.