التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

باب النهبى بغير إذن صاحبه

          ░30▒ (باب النُّهْبَى بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهِ)
          (النُّهْبَى) بالضم: اسم ما نهب، كذلك النهبة مأخوذ من المنهب كالعمرى من العمر، والمنتهب: هو الذي يأخذ الشيء عيانًا بغلبة ومبادرة بغرة، قال الخطابي: معلوم أن أموال المسلمين محرمة، فمورد النهي الجماعة يغزون، فإذا غنموا انتهبوا، وأخذ كل واحد ما وقع بيده مستأثرًا به من غير قسمة، قال: وقد يكون ذلك في الشيء تُشَاع الهبة فيه، فينتهبونه على قدر قوتهم، وكذلك الطعام يقدم إليهم، فلكل واحد أن يأكل ممّا يليه بالمعروف ولا ينتهب ولا يسلب من عند غيره، وكذلك كره من كره أخذ النثار في عقود الأملاك ونحوه، وقال ابن بطَّال: الانتهاب المحرم هو ما كانت عليه العرب من الغارات، وعليه وقعت البيعة في حديث عبادة، وقال ابن المنذر: النهبة المحرمة: أن ينهب مال الرجل بغير إذنه وهو له كاره، وأمَّا المكروه؛ فهو ما أذن صاحبه فيه للجماعة وأباحه لهم وغرضه تساويهم فيه أو تقاربهم، فيغلب القوي على الضعيف، وقد كره مالك والشافعي النهبة ممّا ينثر على رؤوس الضيفان وفي الأعراس، وأجازه الكوفيون، وإنَّما كرهه؛ لأنَّ من أخذه إنَّما يأخذه بفضل قوة وفرط، فله حياء، وقد يأخذ منه من لا يحب صاحبه أن يأخذ منه، ويحب أخذ غيره له، وأيضًا فالمالك لم يقصد به هو وحده، وإنَّما قصد به الجماعة، ولا يعرف حظه من حظ غيره، فهو خلسة وسحت.
          قوله: (وَقَالَ عُبَادَةُ: بَايَعْت النَّبِيَّ صلعم على أَنْ لاَ نَنْتَهِبَ) هذا التعليق أسنده في وفود الأنصار وفي المناقب.