تحفة الباري بشرح صحيح البخاري

باب الطلاق في الإغلاق والكره والسكران والمجنون

          ░11▒ (بَابُ الطَّلاقِ في الإِغلَاقِ) أي: الإكراه، وقيل: الغضب. (وَالمُكرَهُ) _بضم الميم وفتح الراء_ عطف على (الطَّلاق) بحذف مضاف، أي: وحكم المكره، وكذا يقال في قوله: (وَالسَّكرانِ، وَالمجنُونِ وَأَمرِهِما، وَالغَلَطِ، وَالنِّسيانِ) قوله: (في الطَّلاقِ) تنازع فيه العاملان أو جميع العوامل قبله، لكن يلزم على الثاني التكرار في المكره إن فسِّر الإغلاق بالإكراه (وَالشِّركِ) عطف على (الطَّلاق) بحذف مضاف أيضًا (وَغَيرِهِ) أي: غير الشرك كالخطأ وسبق اللسان والهزل (لِقَولِ النَّبيِّ) إلى آخره أشار به إلى أنَّ حكم وقوع الطَّلاق وغيره إنَّما يتوجه إلى العاقل المختار العامد الذاكر، والمكره غير مختار، والسكران والمجنون غير عاقلين، والغالط غير ذاكر، والناسي غير عامد، لكن ما ذكر في السكران إن كان متعديًا بسكره قولٌ، والصحيح عند الشافعية وقوع طلاقه(1) لعصيانه وإن كان غير مكلف بزوال عقله فجعل كأنه لم يزل ونفوذ طلاقه من قبيل ربط الأحكام بالأسباب، وقد بسطت الكلام على ذلك في «شرح البهجة» وغيره.
          (وَمَا لَا يَجُوزُ مِن إِقرَارِ الموَسوَسِ) عطف على (الطَّلَاق) بحذف مضاف أيضًا (ثَمِلٍ) أي: سكر. (إِذا بَدَأَ بِالطَّلاقِ فَلَهُ شَرطُهُ) أي: فله أن يشرط(2) له شرطًا بعده كعكسه، فلا فرق بين تقدّم الشرط عليه وتأخره عنه، خلافًا لمن قال: إن تأخره لا يفيد شيئًا.
          (وَقالَ نافِعٌ) أي: لابن عمر إذا(3) (طَلَقَ رَجُلٌ امرَأَتَهُ البَتَّةَ) أي: بائنًا (إِن خَرَجتِ) أي: من الدَّار مثلًا، ما حكمه؟ (قالَ ابنُ عُمَرَ: إِن خَرَجَت فَقَد بُتَّت مِنهُ) _بضم الموحدة_ أي: قطعت عن الزوج فلا رجعة له فيها، وفي نسخة: <فَقَد بَانَت مِنهُ>. (جُعِلَ(4) في دِينِهِ وَأَمانَتِهِ) أي: دين فيما بينه وبين الله تعالى. / (إِبراهِيمُ) أي(5) : النخعي. (نِيَّتُهُ) أي: تعتبر(6) فيه لأنه كناية (وَطَلاقُ كُلِّ قَومٍ بِلِسانِهِم) أي: جائز به. (يَغشَاها) جملة حالية.
          (نِيَّتُهُ) أي: تعتبر فيه لأنه كناية(7) (الطَّلاقُ عَن وَطَرٍ) أي: لا يبتغي(8) وقوعه إلا (عن وَطَر): أي حاجة كنشوز. (وَالعَتاقُ) بفتح العين. (ما أُريدَ بِهِ وَجهُ اللهِ) أي: لا ينبغي وقوعه إلا إن أريد به وجه الله؛ ليثاب عليه. (نِيَّتُهُ) أي تعتبر فيه؛ لأنه كناية(9). (وَقالَ عَلِيُّ بنُ أَبي طالِبٍ: أَلَم تَعلَم) إلى آخره خاطب به عمر بن الخطاب حين أتي بمجنونة حُبلى قد زنت فأراد أن يرجمها، وذكره(10) بصيغة جزم لأنه حديثٌ ثابتٌ مرفوعٌ في «أبي داود» و«ابن حبَّان». (إِلَّا طَلاقَ المعتُوهِ) أي: ناقص العقل وهو شامل للسكران، لكن قدمنا صحة طلاق السكران المتعدي لعصيانه.


[1] في (د): ((الطلاق)) وأخر قوله: ((لعصيانه)) إلى ما بعد قوله: ((غير مكلف)).
[2] في (ك): ((يشترط)).
[3] في (ع): ((لابن عمر إن))، قوله: ((إذا)) ليس في (د).
[4] زاد في (المطبوع): ((ذلك)).
[5] قوله: ((أي)) ليس في (ك)
[6] في (ع) و(د): ((يعتبر)) وكذلك في الموضع الذي بعده.
[7] قوله: (((وَطَلاقُ كُلِّ قَومٍ بِلِسانِهِم)... أي تعتبر فيه؛ لأنه كناية)) ليس في (ك) و(المطبوع).
[8] في (ك) و(د): ((لا ينبغي)).
[9] قوله: ((الطلاق عن وطر أي... أي تعتبر فيه لأنه كناية)) ليس في (ع).
[10] قوله: ((بن الخطاب حين أتي بمجنونة حُبلى قد زنت فأراد أن يرجمها، وذكره)) ليس في (المطبوع).