التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب من قال الأضحى يوم النحر

          قوله: (بَابُ مَنْ قَالَ: الأَضْحَى يَوْمُ(1) النَّحْرِ): اعلم أنَّ العلماء اختلفوا في أيَّام الأضحى بعد اتِّفاقهم _كما قال ابن عَبْدِ البَرِّ في «استذكاره»_ أَن الأضحى(2) بعد انسلاخ [ذي] الحجَّة على أقوال؛ أحدها: يوم النَّحر ويومان بعده، وهو قول جماعة، الثاني: كذلك وزيادة يومٍ آخرَ، فصارت أربعة، وهو قول جماعة أيضًا، ثالثها: يوم واحد، وهو يوم النَّحر، وهو قول ابن سيرين، وعليه ترجم شيخ الإسلام البُخاريُّ، وحكى ابنُ حزم عن حميد بن عبد الرَّحمن أنَّه كان لا يرى النَّحر إلَّا يوم النحر، وهو قول أبي سليمان، انتهى _يعني: داود بن عليِّ بن خلف إمامُ أهلِ الظاهر_ ونقل الشيخ مُحيِي الدين النَّوَويُّ: أنَّ داود قال: (تجوز الأُضحية يوم العيد وثلاثة بعده)، ولم يُحكَ عنه غيره، انتهى، رابعُها: يوم واحد في الأمصار، وفي منًى ثلاثة أيَّام، وهو قول ابن جُبير، وجابر بن زيد، الخامس: يوم النَّحر وستَّة أيَّام بعده، وهو قول قتادة، سادسها: عشرة أيَّام؛ حكاه ابن التِّين، كما قاله شيخنا، سابعها: وهو أغربها أنَّه إلى آخر يوم من ذي الحجَّة رُوي عن الحسن البصريِّ، قال شيخنا: (قال ابن التِّين: ويُؤثَر عن عمر بن عبد العزيز أيضًا، ونقله ابن حزم عن سليمان بن يسار، وأبي سلمة بن عبد الرَّحمن، وكلُّ هذه الأقوال غير القولين الأوَّلين شاذَّةٌ)، ونقل شيخنا عن ابن بَطَّال: أنَّها لا أصل لها في السُّنَّة، ولا في أقوال العلماء، ثُمَّ نقل شيخنا بعد ذلك عن ابن حزم: أنَّ الضَّحيَّة جائزة مِن طلوع الشمس يومَ النحر إلى أن يهلَّ هلال المحرَّم ليلًا ونهارًا، ثُمَّ نقل ابن حزم عن مالك أنَّ الأضحى إلى آخر يوم من ذي الحجَّة) انتهى، غالبه من كلام شيخنا.


[1] كذا في (أ) و(ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة»: (يومَ)؛ بالنَّصب.
[2] كانت في (أ): (أن لا أضحى)، والمثبت من مصدره.