التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث: ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر

          334- قَولُهُ: (فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ...) إلى قوله: (انْقَطَعَ عِقْدٌ لِي): اعلم أنَّ في «الصَّحيح»: أنَّ عقدها ضاع في الإفك [خ¦2661]، واتَّفق الإفك(1) في غزوة المريسيع، وهي غزوة بني المصطلق، وكانت سنة ستٍّ في شعبان عند ابن إسحاق، وفي سنة أربع عند موسى بن عقبة، وفي(2) شعبان سنة خمس يوم الاثنين لليلتين خلتا منه عند ابن سعد، والخندق عنده في ذي القعدة من السَّنة.
          والذي ظهر لي من الأحاديث أنَّها فقدت العقد مرَّتين؛ بدليل: (أنَّها استعارت قلادةً من أسماء، فهَلَكَتْ) [خ¦336]، ورواية: (انقطع عقدٌ لي)، فإنْ أُوِّلَتْ هذه؛ فماذا نصنع بما رواه الطَّبرانيُّ من حديثها؟ قالت: (لمَّا كان من أمر عقدي ما كان، وقال أهل الإفك ما قالوا؛ خرجت مع رسول الله صلعم في غزوة أخرى، فسقط أيضًا عقدي حتَّى حُبِس النَّاسُ على التماسه...) إلى قولها: (فأنزل الله الرُّخصة في التَّيمُّم)، وفي «التِّرمذيِّ» و«المسند» لأحمد: (أنَّ قلادتها سقطت ليلة الأبواء)، والأبواء على رأس اثني عشر شهرًا من مهاجره، وقد عيَّن ابن قيِّم الجوزيَّة: (أنَّ في حديث الإفك سقط عقد لأختها) انتهى، وقد تقدَّم متى كان الإفك أعلاه، وقد تقدَّم أنَّ التَّيمُّم نزل في المريسيع سنة ستٍّ أو سنة أربع، وقال ابن قيِّم الجوزيَّة في «الهدي» لمَّا ذكر حديث الطَّبرانيِّ: (وهذا يدلُّ على أنَّ قصَّة العقد التي نزل التَّيمُّم لأجلها بعد هذه الغزوة)؛ يعني: بعد المريسيع، قال: (وهو الظَّاهر، ولكن فيها كانت قصَّة الإفك بسبب فَقْد العقد والتماسه، فاشتبه على بعضهم إحدى القصَّتين بالأخرى، والله أعلم)، انتهى.
          قَولُهُ: (حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالبَيْدَاءِ): هي بفتح الموحَّدة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ دال مهملة، ثُمَّ همزة ممدودة: الشَّرف الذي قُدَّام ذي الحُلَيفة في طريق مكَّة، قال شيخنا: (وسمَّى البكريُّ المكان: الضُّلْضُل؛ بمعجمتين، قال: وهو الصَّحيح)، وسيأتي بقيَّة الكلام على (البيداء).
          قَولُهُ: (أَوْ بِذَاتِ الجَيْشِ): هي بفتح الجيم، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ شين معجمة: من المدينة على بريد، وقال النوويُّ: (البيداء وذات الجيش: موضعان بين المدينة وخيبر(3)) انتهى، وفي ذلك نظرٌ؛ إذ البيداء ما ذكرته لك، هذا الظَّاهر، وذكره(4) غير واحد، وهو عَلَم على ما ذكرته لك، ولكن البيداء في اللُّغة: [كلُّ مفازة لا شيء فيها، فيحتمل أنَّه أراد ذلك، والله أعلم](5). /
          قَولُهُ: (انْقَطَعَ عِقْدٌ لِي): وقد قدَّمت أنَّ في رواية: (أنَّها استعارت من أسماء قلادة، فهلكت) [خ¦336]، وقد قدَّمت لك أنَّ القصَّة اتَّفقت مرَّتين فيما مضى، وذكرت لك عنِ ابن القيِّم أنَّ الذِي سقط في المريسيع عقد أختها أسماء؛ فانظر ذلك قبيل هذا، واعلم أنَّ العقد(6) الذي سقط في الإفك من جزع ظفار، كما في «الصَّحيح» كما سيأتي [خ¦2661].
          فائدة: قال شيخنا الشَّارح: (ورد في خبر: أنَّ ثمنه اثنا عشر درهمًا، كما ذكره ابن بطَّال)، قال شيخنا: (وقيل: كان ثمنه يسيرًا، كما حكاه(7) ابن التِّين).
          قَولُهُ: (يَطْعُـَنُنِي): هو بضمِّ العين، ويجوز فتحها، حكاهما الجوهريُّ.
          قوله: (إِلَّا مَكَانُ): هو بالرَّفع استثناء مفرَّغ.
          قوله: (فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلعم حِينَ أَصْبَحَ عَلَى(8) غَيْرِ مَاءٍ): كذا في أصلنا: (فقام)؛ بالقاف، قال(9) ابن قُرقُول: (قوله في «التَّيمُّم»: «فنام(10) رسول الله صلعم»: كذا في «الموطَّأ»، وكذا عند ابن السَّكن، وعند المروزيِّ، وأبي(11) ذرٍّ، والنَّسفيِّ: «فقام»، وكلاهما صحيح، والأوَّل أوجه، وعند الجرجانيِّ: «فقام رسول الله صلعم حتَّى أصبح»، وهو وهم بيِّنٌ) انتهى.
          قَولُهُ: (فَأَنْزَلَ الله آيَةَ التَّيَمُّمِ): اعلم أنَّه لَمْ يقل: آية الوضوء وإنْ كان في آيتي (المائدة)[الأية:6] و(النِّساء)[الأية:42] ذِكْرُه؛ وذلك لأنَّ الذي طرأ لهم التَّيمُّمُ؛ بدليل قوله: (وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ)، والله أعلم، ثُمَّ اعلم أنَّه يحتمل(12) أنَّ المرادَ الآيةُ التي تلاها البخاريُّ أوَّل الباب، وهي التي في (المائدة)، وقد ذكر البخاريُّ في (تفسير النِّساء) من حديث هشام، عن أبيه، عن عائشة قال: (هَلَكَتْ قِلَادَةٌ لِأَسْمَاءَ، فَبَعَثَ رسول الله صلعم في طَلَبِهَا رِجَالًا، فَحَضَرَت الصَّلاة وَلَيْسُوا على وُضُوءٍ وَلَمْ يَجِدُوا مَاءً، فَصَلَّوْا وَهُمْ(13) على غَيْرِ وُضُوءٍ، فَأَنْزَلَ اللهُ التَّيَمُّم) [خ¦4582]، وفي نسخة: (يَعْنِي: آيَةَ التَّيَمُّمِ)، وكذا رواه البخاريُّ في (المائدة) من حديث عَمرو _هو ابن الحارث_ عن عَبْد الرَّحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة...؛ فذكر الحديث، وفيه: (فَنَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ}؛ الآية[المائدة:6]) [خ¦4608]، وفي «الواحديِّ» ذكرها في سورة (النِّساء)، فقال: قوله تَعَالَى من سورة (النِّساء): {فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا}[النساء:43]، ثُمَّ ساق حديث البخاريِّ، وقال ابن العربيِّ _فيما نقله شيخنا المؤلِّف_: (هذه معضلة ما وجدت لدائِها من دواءٍ؛ آيتان فيهما ذكر التَّيمم في «النِّساء» و«المائدة»، فلا نعلم أيَّتهما(14) عنت عائشة؟)، وجزم بعضهم بأنَّها آية (النِّساء)، والله أعلم.
          قَولُهُ: (فَقَالَ(15) أُسَيْدُ بْنُ الحُضَيْرِ): (أُسَيد): بضمِّ الهمزة، وفتح السِّين، و(حُضَير): بضمِّ الحاء المهملة، وفتح الضَّاد المعجمة، صحابيٌّ جليلٌ، كبيرُ القدر، معروفٌ.
          قَولُهُ: (فَبَعَثْنَا البَعِيرَ): أي: أقمناه من بُرُوكِه.


[1] في (ج): (الأول).
[2] في (ج): (في).
[3] في (ب): (وحنين)، وهو تحريفٌ.
[4] في (ج): (وذكر).
[5] ما بين معقوفين سقط من (ب).
[6] (العقد): ليس في (ب).
[7] في (ج): (ذكره).
[8] في (ج): (إلى).
[9] في (ب): (وقال).
[10] في (ب): (فقام)، وهو تحريفٌ؛ لمجيء هذه الرواية لاحقًا.
[11] في (ج): (وابن)، وهو تحريفٌ.
[12] (يحتمل): سقطت من (ب).
[13] (وهم): ليس في (ب).
[14] في (ب): (أيهما).
[15] في (ج): (فقام)، وهو تحريفٌ.