التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب: إذا اشترط في المزارعة: إذا شئت أخرجتك

          قوله: (بَابٌ: إِذَا اشْتَرَطَ فِي الْمُزَارَعَةِ: إِذَا شِئْتُ؛ أَخْرَجْتُكَ): سرد ابن المُنَيِّر حديثَ الباب بلا إسناد، ثمَّ قال: (إن قيل: التَّرجمة على جواز اشتراط الخَيار من المالك إلى غير أمدٍ، والحديثُ لا ينزل على ذلك. قلنا: الصحيح: أنَّ الخَيار لا بدَّ مِن تقييده بمدَّة يجوز لمثلها الخَيار، وإن أُطلِق؛ نزل كلُّ عقدٍ على ما يليق به من المدَّة التي في مثلها يقع الخَيار، والحديث غير متناول للترجمة؛ لاحتمال أن يريد: نقرُّكم فيها ما لم يشأ الله تعالى إجلاءَكم منها؛ لأنَّ المقدور كائنٌ، ولا ينافي وجودُه استرسالَ الأحكام الشَّرعيَّة، وقد تنفسخ العقودُ اللَّازمة بأسبابٍ طارئةٍ، وقد لا تنفسخ ولكن تمتنع مباشرة أحد المتعاقدين لاستيفاء(1) المنفعة، كما لو ظهر فسادُ العامل في المساقاة وخيانتُه(2)؛ فإنَّ مذهبَ مالكٍ إخراجُه، وكذلك مستأجر الدار إذا فسد، فهذا _والله أعلم(3) _ مرادُ الحديث؛ أي: يستقرُّون فيها ما لم يجاهروا بفساد، فإذا شاء الله إجلاءَكم منها؛ تعاطيتم السبب المقتضي للإخراج، فأُخرِجتم، وكذلك وقع، صدق الله ورسوله، وليس في الحديث أنَّه ساقاهم مدَّة معيَّنة؛ إمَّا لأنَّهم كانوا عبيدًا للمسلمين(4)، ومعاملةُ السيِّد لعبده لا يُشتَرط فيها ما يُشتَرط في الأجنبيِّ؛ لأنَّ العبدَ مالُ السيِّد، وله على ماله سلطنة الانتزاع، فكان الجميعُ مالَه، وإمَّا لأنَّ المدَّة لم تُنقَل مع تحرُّرها حينئذٍ، والله أعلم) انتهى.


[1] في (ب): (لاستبقاء).
[2] في (ب): (وجنايته).
[3] (والله أعلم): ليس في (ب).
[4] في (ب): (كانوا للمسلمين عبيدًا).