التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث: أن النبي أغار على بني المصطلق وهم غارون

          2541- قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ): هو ابن المبارك، الزَّاهدُ العالم، أحدُ الأعلام، وشيخُ خراسان، و(ابْنُ عَوْنٍ): تَقَدَّم غير مرَّةٍ أنَّه عبد الله بن عون(1) بن أرطبان البصريُّ، مولى عبد الله بن مُغفَّل المزنيِّ، أحدُ الأعلام، لا عبدُ الله بن عون ابنِ أميرِ مِصرَ أبي عون عبدِ الملك بن يزيدَ الهلاليُّ [خ¦67]، هذا ابنُ أمير مِصر روى له مسلمٌ والنَّسائيُّ، ولم يروِ له البخاريُّ شيئًا.
          قوله: (كَتَبْتُ إِلَى نَافِعٍ، فَكَتَبَ إِلَيَّ): تَقَدَّم الكلام على الرِّواية بالكتابة، وأنَّها جائزةٌ سواء أجاز الشَّيخ معها أم لا، على الصَّحيح المشهور [خ¦637]، و(نافع): هو أبو عبد الله، مولى ابن عمر، المدنيُّ، مشهور التَّرجمة.
          قوله: (إَِنَّ النَّبِيَّ صلعم): (إنَّ): بكسر الهمزة، ويجوز فتحها.
          قوله: (أَغَارَ عَلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَهُمْ غَارُّونَ): هو بالغين المعجمة، وتشديد الرَّاء؛ أي: غافلون، وغزوة بني المُصْطَلق هي غزوة المُرَيسِيع، وكانت في شعبان سنة ستٍّ مِن الهجرة عند ابن إسحاق، وعند موسى بن عقبة: سنة أربع، وفي شعبان سنة خمس يوم الاثنين لليلتين خلتا منه عند ابن سعد، والخندق بعدها عنده في ذي القعدة من السَّنة، وقد ساق ابن سعد خبر بني المُصْطَلق، وفيه: (فتهيَّؤوا للقتال، وصفَّ رسولُ الله صلعم [أصحابَه]، ودفع راية المهاجرين إلى أبي بكر، وراية الأنصار إلى سعد بن عُبَادة، فترامَوا بالنَّبْل ساعة، ثمَّ أمر رسولُ الله صلعم أصحابَه، فحملوا حملة رجلٍ واحدٍ، فما أُفلِت منهم إنسانٌ، وقُتِل عشرةٌ منهم، وأُسِر سائرُهم)، فقوله في «الصَّحيحَين»: (وهم غارُّون) يعارض ما ساقه ابنُ سعد، قال أبو الفتح اليعمريُّ في «سيرته» بعد عزوه الحديثَ الذي هنا إلى «مسلم» فقط _وهو فيهما و«أبي داود» و«النَّسائيِّ»_ أيضًا ما لفظه: (وقد أشار ابن سعد إلى هذه الرِّواية _يعني: التي في «الصَّحيح»_ وقال: «الأوَّلُ أثبتُ») انتهى؛ يعني: ما سقته عن ابن سعد، والله أعلم.
          قوله: (وَأَصَابَ يَوْمَئِذٍ جُوَيْرِيَةَ): هذه هي أمُّ المؤمنين جُويرية بنت الحارث بن أبي ضرار بن حَبِيب، الخزاعيَّة المُصْطَلقيَّة، أشهر مِن أن تُذكَر ♦، ووالدها أسلم وصَحِب، وقد استدركه أبو عليٍّ الغسَّانيُّ وحده، وإنَّه أسلم هو وابناه وطائفةٌ، انتهى ما ذكره الذَّهبيُّ في «تجريده»، وقال النَّوويُّ في «تهذيبه»: (إنَّ في «تاريخ دمشق» _يعني: «تاريخ ابن عساكر» الحافظ_: أنَّه أسلم)؛ يعني: الحارث.
          تنبيهٌ: لهم آخرُ يقال له: الحارثُ / بن أبي ضرار، ويقال: ابن ضرار، أبو مالك المُصْطَلقيُّ الخزاعيُّ، روى أحمد في «المُسَند» قال: (حدَّثنا مُحَمَّد بن سابق عن عيسى بن دينار، عن أبيه: أنَّه سمع الحارث بن أبي ضرار يقول: قَدِمتُ على رسول الله صلعم...)؛ فذكر حديثًا طويلًا، كذا ذكرهما اثنين الذَّهبيُّ في «تجريده»، والله أعلم، وفي «الاستيعاب» ما لفظه: (الحارث ابن ضرار الخزاعيُّ، ويقال: الحارث بن أبي ضرار المُصْطَلقيُّ، وأخشى أن يكونا اثنين، رُوِي عنه أنَّه قال: «أتيتُ النَّبيَّ صلعم فأسلمتُ») انتهى، وفي حاشيةٍ بخطِّ ابن الأمين على «الاستيعاب»: (الحارث بن أبي ضرار المُصْطَلقيُّ هو(2) الخزاعيُّ، وهو والدُ جُويريةَ بنتِ الحارث زوجِ النَّبيِّ صلعم، قصَّةُ إسلامه مذكورةٌ في السِّيرة) انتهى، علَّم عليها: (غ)، والظَّاهر: أنَّها من كلام أبي عليٍّ الغَسَّانيِّ، والله أعلم.


[1] (بن عون): سقط من (ب).
[2] (هو): ليس في (ب).