التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب من أحيا أرضًا مواتًا

          قوله: (وَيُرْوَى عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عَوْفٍ): كذا في أصلنا المذكور، وفي بعض أصولنا الدِّمشقيَّة في الأصل: (كذا)، وفي الهامش نسخة: (عمرو بن عوف)، وقد نظرتُ في كلام الجَيَّانيِّ في «تقييده»، فرأيتُه ذكر هذا الكلام، فقال: (وقع في روايتنا عن أبي زيدٍ وأبي أحمدَ: «ويُروَى عن عُمرَ وابنِ عوف»، وعند ابنِ السَّكَن وأبي ذرٍّ: «عن عَمرو بن عوف، عن النَّبيِّ صلعم»)، قال الجَيَّانيُّ: (وهذا الحديثُ محفوظٌ لعَمرو بن عوف، حَدَّثَناه أبو عُمر النمريُّ: حدَّثنا سعيد بن نصر: حدَّثنا قاسم بن أصبغ: حدَّثنا ابنُ وضَّاح: حدَّثنا أبو بكر ابن أبي شيبة: حدَّثنا خالد بن مَخْلد: حدَّثنا كَثِير بن عبد الله بن عَمرو بن عوف، عن أبيه(1)، عن جدِّه قال: سمعتُ رسولَ الله صلعم يقول: «من أحيا مواتًا من الأرض في غير حقِّ مسلم؛ فهو له، وليس لِعِرْقٍ ظالمٍ حقٌّ»)، انتهى، ولخَّصه ابنُ قرقول في «مطالعه» فقال: («ويروى عن عَمرو بن عوف»: كذا لهم، وعند الأصيليِّ: «ويُروَى عن عُمر وابن عوف»؛ بواو العطف، والأوَّل الصَّواب؛ وهو عمرو بن عوف المزنيُّ) انتهى، وقد عزاه شيخُنا الشَّارحُ لعَمرو بن عوف، فقال: (وحديثُ عَمرو حديثٌ محفوظٌ، كما قال الجَيَّانيُّ، ثمَّ ساقه) قال: (وقال ابن بطَّال: حسن السَّند)، انتهى، ولم يذكرِ اختلافَهم في ذلك، والله أعلم، فإذن الذي في أصلنا روايةٌ، والصَّواب خلافُها، والله أعلم.
          و(عَمرو بن عوف): هو ابن زيد بن مليحة المزنيُّ، أبو عبد الله، مهاجريٌّ، أحد البكَّائين، شهد الخندقَ، وعَمرو: هو جدُّ كَثِير بن عبد الله بن عَمرو بن عوف، وإسلامُه قديمٌ، وكَثِير بن عبد الله: ضعيف، أخرج لعَمرو بن عوف البخاريُّ تعليقًا كما ترى، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، وابنُ ماجه، والله أعلم.
          قوله: (وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ)؛ أي: لعرق ذي ظُلْم، هذا على النَّعت، وكذا هو في أصلنا، وعليه (صح)، ومن أضافه إلى (ظالم) _كما قال الخطَّابيُّ: (إنَّ بعض النَّاس يرويه بالإضافة)_، فهو بيِّنٌ، والعرق الظَّالم: كلُّ ما احتُفر أو غُرس بغير حقٍّ، قاله مالك كما نقله ابن قرقول عنه، ولم يذكره الأزهريُّ في «تهذيب اللُّغة» وصاحبُه ابنُ فارس في «المجمل» إلَّا بتنوين (عرقٍ) على النَّعت، وكذا قاله الأزهريُّ في «شرح ألفاظ المختصر»، وقد ذكرت لك كلام مالك، وسيأتي كلام الشَّافعيِّ في تفسيره، فهذان الإمامان اختيارهما تنوين(2) (عرق)، وحكى الأزهريُّ عن أبي عبيد: (قال هشام بن عروة _وهو الذي روى الحديث_: العرق الظَّالم: أن يجيء الرَّجل إلى أرضٍ قد أحياها رجلٌ قبلَه، فيغرس فيها غرسًا)، وهذا أيضًا صريح بأنَّه رواه بالتَّنوين، والله أعلم، وقال شيخنا عن البيهقيِّ: (قال الشَّافعيُّ: العرق الظَّالم: كلُّ ما حُفر أو غُرس أو بُني ظلمًا في حقِّ امرئ بغير خروجه منه)، وهما واحدٌ، والله أعلم.
          قوله: (وَيُرْوَى فِيهِ عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلعم): (يُروى): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وهذا ليس على شرطه.


[1] في (ب): (ابنه)، وهو تصحيفٌ.
[2] (تنوين): سقط من (ب).