التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب: إذا زرع بمال قوم بغير إذنهم وكان في ذلك صلاح لهم

          قوله: (إِذَا زَرَعَ بِمَالِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ، وَكَانَ فِي ذَلِكَ صَلَاحٌ لَهُمْ): ساق ابن المُنَيِّر حديث الباب بغير إسناد، ثمَّ قال: (ردَّ الشَّارح التَّرجمة، وقال: «لا يصحُّ إلَّا أن يكون الزَّارع مُتطوِّعًا»، والتَّرجمة صحيحة ومطابقة؛ لأنَّه قد عيَّن له حقَّه، ومكَّنه منه، وبرئت ذمَّتُه، فلمَّا ترك القبض، ووضع المستأجر يده ثانيًا على الفَرَقِ، فهو وضعٌ مُستأنَفٌ على ملك الغير، ثمَّ تصرُّفه فيه إصلاحٌ، لا تضييع، فاغتُفِر ذلك، ولم يُعَدَّ تَعدِّيًا ومعصيةً، ومع ذلك، فلو هلك الفَرَق؛ لكان الزَّارع ضامنًا له؛ إذ لم يُؤذَنْ له في زراعته، فمقصود التَّرجمة إنَّما هو خلاص الزَّارع من المعصية وإن تعرَّض للضَّمان، ويدلُّ على أنَّ فعله لم يكن بمعصية أنَّه توسَّل إلى الله به؛ بناء على أنَّه أفضل الأعمال، وأُقِرَّ على ذلك، ووقعت الإجابة بحسبه، أو يُقَال: إنَّ توسُّلَه إنَّما كان بوفاء الحقِّ عند حضور المُستَحِقِّ مضاعفًا من قبيل حسن القضاء، لا بكونه زرع الفَرَق المُستَحَقَّ، كما أنَّ الذي جلس بين شُعَب المرأة توسَّل بما تركه، ولا يريد بالتَّوسُّل إلَّا قيامه عنها خوفًا من الله، لا جلوسه الأوَّل، فإنَّه معصية اتِّفاقًا، والله أعلم).