التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث: صحبت النبي فلم أره يسبح في السفر

          1101- قوله: (يُسَبِّحُ): تقدَّم أنَّ (السُّبْحةَ): صلاةُ النَّافلة، وتقدَّم لِم قيل لها: (سُبْحة) [خ¦1092].
          [تنبيهٌ: اتَّفق الفقهاء على استحباب النَّوافل المطلقة في السفر، واختلفوا في استحباب النَّوافل الراتبة، فتركها ابن عمر وآخرون، واستحبَّها الشَّافعيُّ وأصحابُه، والجمهورُ، ودليله: الأحاديثُ العامَّةُ المُطلَقة في نَدْبِ الرَّواتب، وحديث صلاتِه ╕ الضُّحى يوم الفتح بمكَّة، وركعتي الصُّبح حين ناموا حتَّى طلعت الشَّمس، وأحاديثُ أُخَرُ صحيحةٌ، ذكرها أصحاب السُّنن، والقياس على النَّوافل المُطلَقة، ولعلَّ النَّبيَّ صلعم كان يصلِّي الرَّواتب في رحله ولا يراه ابن عمر، فإنَّ النَّافلة في الرَّحل أفضلُ، أو لعلَّه ╕ تركها أحيانًا؛ بيانًا(1) للجواز.
          وجواب القائلين بتركها: مِن أنَّها لو شُرِعَت؛ لكان إتمامُ الفريضة أولى؛ جوابُه(2): أنَّ الفريضة مُحتَّمةٌ، فلو شُرِعت تامَّةً؛ انْحَتَم(3) إتمامُها، وأمَّا النَّافلة؛ فهي إلى خيرة المُكلَّف، فالرِّفق به أن تكون مشروعةً، ويتخيَّر إن شاء فعلها وحصَّل ثوابها، وإن شاء تركها ولا شيء عليه.
          لكن اعلم أنَّه لا يُحفَظ عنه _كذا قال بعضهم_ صلعم صلاةُ سُنَّة الفرائض قبلها ولا بعدها [في السَّفر] إلَّا ما كان من سُنَّة الصُّبح والوتر، فإنَّه لم يكن يدعُها حضرًا ولا سفرًا، والله أعلم، وحديث أبي داود في «السُّنن» والتِّرمذيِّ عن البراء قال: (سافرتُ مع النَّبيِّ صلعم ثمانيةَ عشرَ سفرًا فلم أره ترك ركعتين عند رفع الشَّمس قبل الظُّهر)، وحديث عائشة: (أنَّه ╕ كان لا يدع أربعًا قبل الظُّهر وركعتين بعدها)، رواه البخاريُّ [خ¦1182]، وهذا ليس بصريح في أنَّه في السَّفر، ولعلَّها أخبرت(4) عن غالب أحواله، والأوَّل صحيح، قال التِّرمذيُّ: (غريبٌ، وسألت مُحمَّدًا عنه؛ فلم يعرفه إلَّا من حديث اللَّيث، ولم يعرف اسم أبي بُسْرة، ورآه(5) حَسَنًا)، فيحتاج إلى جواب، والله أعلم]
.
          قوله: ({أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}[الأحزاب:21]): تقدَّم أنَّ {أُسْوَةٌ} بضمِّ الهمزة وكسرها؛ لغتان هما قراءتان في السَّبع.


[1] (بيانًا): ليس في (ب).
[2] في (ب): (وجوابه).
[3] في (ب): (تحتم).
[4] في (أ): (أخبر).
[5] في (ب): (ورواه).