التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب: إذا صلى قاعدًا ثم صح أو وجد خفة تمم ما بقي

          قوله: (بَابٌ: إِذَا صَلَّى قَاعِدًا، ثُمَّ صَحَّ، أَوْ وَجَدَ خِفَّةً؛ أَتَمَّ مَا بَقِيَ): قال ابن المُنَيِّر: (إن قلت: ما وجه دخول الترجمة في الفقه ومن المعلوم ضرورةً: أنَّ القيام إنَّما سقط لمانعٍ منه، فإذا جاءت الصِّحَّة، وزال المانع؛ وجبَ الإتمام قائمًا؟
          قلتُ: إنَّما أراد دفع خيال مَن تخيَّل أنَّ الصَّلاة لا تتبعَّض، فإمَّا قائمًا كلَّها تُستَأنَف إذا صحَّ، وإمَّا جالسًا كلَّها إذا استعصتِ العلَّة، فبيَّن بهذا الحديث أنَّ النَّبيَّ صلعم كان يحافظ على القيام في النَّافلة ما أمكنه، ولمَّا أسنَّ؛ تعذَّر عليه استيعابُها بالقيام، فبعَّضها، فكذلك الفريضة، إذا زال المانع؛ لم يستأنفها بطريق الأَوْلى، والله أعلم) انتهى، وقال شيخنا: (ووجه استنباط البخاريِّ منه الفرضَ(1)، أنَّه لمَّا جاز في النَّافلة القعودُ لغير علَّة مانعة من القيام وكان ╕ يقوم فيها قبل الرُّكوع؛ كانت الفريضة التي لا يجوز فيها إلَّا بعدم(2) القدرة على القيام أَوْلى أن يَلْزَمَ القيامُ فيها إذا ارتفعت العلَّةُ المانعةُ منه)، ثمَّ ذكر كلام ابن المُنَيِّر.
          تنبيهٌ: تجوز الرَّكعة الواحدة مِن النافلة، بعضُها من قيامٍ، وبعضُها من قعودٍ، هذا مذهب الشَّافعيِّ، ومالكٍ، وأبي حنيفة، وعامَّة العلماء، وسواء قام ثمَّ قعد، أو قعد ثمَّ قام، ومنعه بعض السَّلف، قال النَّوويُّ: (وهو غلط)، قال: (وحكى القاضي عن أبي يوسف ومُحَمَّد في آخَرِينَ: كراهةَ القعود بعد القيام، ولو نوى [القيام] ثمَّ أراد أن يجلس؛ جاز عند الشَّافعيَّة والجمهور، وجوَّزه من المالكيَّة ابنُ القاسم، ومنعه أشهبُ).


[1] في (ج): (الفريضة).
[2] في (ب): (بعد)، وليس بصحيح.