التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث: ائذنوا للنساء بالليل إلى المساجد

          899- قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّد: حَدَّثَنَا شَبَابَةُ): (عبد الله) هذا: الظاهر أنَّه المُسنَديُّ، وذلك لأنِّي راجعت ترجمة شَبَابة، فوجدتُ الحافظَ عبدَ الغنيِّ ذكر فيمَن أخذ عنه المُسنديَّ، ولم يذكر غيرَه فيمَن أخذ عنه ممَّن اسمه عبد الله بن مُحَمَّد، والله أعلم، وقال بعضُ حُفَّاظ العصر: (الظاهر أنَّ الصَّوابَ اطِّرادُ صنيع البخاريِّ في ذلك، فحيث يُطلِق عبدَ الله بن مُحَمَّد، فهو المُسنَديُّ، وقد عثر على أنَّه إذا روى عن أبي بكر ابن أبي شيبة، لا يُسمِّي أباه، بل يقول: حدَّثنا عبد الله ابن أبي شيبة، قال صاحب «الزُّهرة» في ترجمة أبي بكر ابن أبي شيبة: «روى عنه البخاريُّ ثلاثين _أو أحدًا وثلاثين_ حديثًا»، ولو كان ابنُ أبي شيبة هو المراد بقوله: «عبد الله بن مُحَمَّد»؛ لكان عددُ ما روى عنه أكثرَ من ذلك، ويُؤيِّده أنَّه أخرج عنه عدَّةَ أحاديثَ مِن روايته عن هشام بن يوسف الصَّنعانيِّ قاضي صنعاء، وكان سماعه منه بصنعاء، وابنُ أبي شيبة لم يدخلِ اليمن، ولا له عن هشام بن يوسف روايةٌ، وقد جزم المِزِّيُّ في «الأطراف(1)» في عدَّة أحاديثَ يقول فيها البخاريُّ: «حدَّثنا عبد الله بن مُحَمَّد» بأنَّه الجعفيُّ، وهو المُسنَديُّ، ولم يقل في واحدٍ منها: إنَّه ابنُ أبي شيبة، وكذا صنع أبو نُعَيم في «مستخرجه على البخاريِّ»، يُخرِّج الحديث من «مسند أبي بكر ابن أبي شيبة» قائلًا: «حدَّثنا أبو بكر الطَّلحيُّ: حدَّثنا عبيد بن غنَّام: حدَّثنا أبو بكر ابن أبي شيبة»، ثمَّ يقول بعده: «أخرجه البخاريُّ عن أبي بكر ابن أبي شيبة»، [ويكون البخاريُّ قد صرَّح بقوله: «حدَّثنا عبد الله ابن أبي شيبة»](2)، ولا يقولُ في شيء ممَّا يقول فيه: «حدَّثنا عبد الله بن مُحَمَّد»: إنَّه ابنُ أبي شيبة وإن كان مُحتملًا(3)، ولا سيَّما الموضع الذي أخرجه مسلمٌ عن أبي بكر ابن أبي شيبة، لكنَّ القاعدةَ في المُتَّفق إذا وقع مُهمَلًا أن يُحمَل على مَن الرَّاوي عنه(4) باختصاص كما ذكره الخطيبُ في كتابه «المكمل في بيان المهمل»، وهذا من هذا القبيل، فإنَّ للبخاريِّ بالجعفيِّ اختصاصًا ظاهرًا مِن قَبْل أن يرحل إلى العراق، ويلقى ابنَ أبي شيبة، وهو أحدُ مَن تخرَّج به في بلاده، والله أعلم، ويزيد ذلك وضوحًا أنَّه أخرج في «علامات النُّبوَّة»: «حدَّثنا عبد الله بن مُحَمَّد: حدَّثنا عبد الرَّزَّاق...» [خ¦3609]، وهذا هو المُسنَديُّ جزمًا؛ لأنَّ ابنَ أبي شيبة لم يلقَ عبدَ الرَّزَّاق)، انتهى، وقد دُخِل في الكتاب في الأماكن التي قال فيها البخاريُّ: (حدَّثنا عبد الله بن مُحَمَّد)، فأصلحتُها على ما قاله هذا الحافظُ: إنَّه المُسنديُّ، فليُعلَم(5) ذلك، وكنت قد قلتُ في بعضِها: إنَّه ابنُ أبي شيبة، فقلَّدتُه في ذلك، والله أعلم(6).
          قوله: (حَدَّثَنَا شَبَابَةُ): هو بفتح الشين المعجمة، ثمَّ مُوَحَّدة مخفَّفة، وبعد الألف مُوَحَّدة أخرى، ثمَّ تاء، [قيل: إنَّ اسمَه مروانُ، قاله في «الكمال»](7)، وهو ابن سوَّار _بتشديد الواو_ الفزاريُّ مولاهم، أبو عَمرو المدائنيُّ، وليس في الكتب السِّتَّة راوٍ اسمُه شَبَابة سواه، ولهم (شَبَاب)، ذاك لقبُ الحافظِ خليفةَ بنِ خيَّاط العُصفريِّ، انفرد به البخاريُّ، يروي شَبَابةُ صاحبُ التَّرجمة عن يونسَ بنِ أبي إسحاق وحَرِيز بن عثمان، وعنه: أحمدُ وعبَّاسٌ(8) الدُّوريُّ، وكان مُرجِئًا صدوقًا، قال أبو حاتم: (لا يُحتجُّ به)، تُوُفِّيَ سنة ░206هـ▒، أخرج له الجماعة، وله ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.
          قوله: (حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ): هو بفتح الواو، ثمَّ راءٍ ساكنةٍ، ثمَّ قافٍ، وفي آخره مدَّةٌ، وهو ابن عمر اليشكريُّ، أبو بشر، عن عَمْرِو بن دينار وابنِ المنكدر، وعنه: الفِريابيُّ ويحيى بنُ آدم، صدوقٌ صالحٌ، وثَّقه أحمدُ وغيرُه، له ترجمةٌ في «الميزان». /


[1] في (ب): (أطرافه).
[2] ما بين معقوفين سقط من (ب).
[3] في (ب): (محلًّا).
[4] في (ب): (عنها).
[5] في (ب): (والله أعلم).
[6] (والله أعلم): سقط من (ب).
[7] ما بين معقوفين سقط من (ج)، انظر «الكمال» ░5/363▒.
[8] في (ب): (عياش).