مصابيح الجامع الصحيح

باب تفسير العرايا

          ░84▒ (يُعْري): أي: يجرد الرجل للرجل نخلة من نخلات بستانه ويعطيها له، ثم يتأذى الواهب بدخوله عليه، فرخص للواهب أن يشتريها منه، وقد يقال: أعريت الرجل النخلة؛ إذا أطعمته الثمرة، يعروها؛ أي: يأتيها متى شاء.
          قال التيمي: ذهب مالك إلى أن المراد بها: أن الرجل إذا وهب نخلة لرجل، وشق عليه دخول المتهب إلى البستان جاز له أن يشتري من الموهوب منه الرطب الذي على النخلة الذي وهبها منه بالتمر، ولا يجوز لغيره، وهو تخصيص، والحال أن اللفظ عام، وأبو حنيفة إلى أنها هو أن يهب رجل ثمرة نخله، ويشق عليه تردد الموهوب منه إليه إلى بستانه، فكره أن يرجع في هبته، فيدفع إليه بدلها تمرًا، ويكون هذا في معنى البيع، لا أنه بيع حقيقة، ولفظ الأحاديث صريح في أنها بيع، وحاصله: أن الإمامين خالفا ظاهر الألفاظ.
          و(ابن إدريس): هو الإمام الشافعي، قاله: البيهقي.
          و(لا تكون إلا بالكيل)؛ أي: لا بد أن يكون معلوم القَدْرِ؛ إذ لا بدَّ من العلم بالمساواة.
          و(يدًا بيد): أي: لا بدَّ من التقابض في المجلس.
          (بالجزاف): مثلث الجيم، هو ممَّا يقوِّيه؛ أي: كونه مكيلًا معلوم القَدْار.
          إن قلت: ما فائدة ذكر (المُوَسَّقَة)؟
          قلت: التوكيد كقوله تعالى: {وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ} [آل عمران:14]، وكقولهم: آلاف مؤلَّفة.
          و(ينتظروا): أي: جذاذها، والجمهور على أنَّه بعكس هذا، قالوا: كان سبب الرُّخصة أن المساكين الذين ما كان لهم نخيلات ولا نقود يشترون بها الرطب، وقد فضل من قوتهم التمر، وكانوا وعيالهم يشتهون الرطب، فرخَّص لهم اشتراء الرطب بالتمر.